مثلث الموت في حلب يعيد كتابة التاريخ
أحمد الجبلي
نحتاج لفتوى فورية لقتل نسائنا، هكذا تم تلخيص المشهد الدرامي الدامي في حلب، فجميع حلقاته توحي بأن العدو قد فاق في همجيته ورعونته ووحشيته ما فعله أوغستو خوسي رامون بينوشي بدكتاتوريته الممزوجة بقليل من المروءة حيث قتل الرئيس التشيلي سلفادور ألليندي بعدما منحه مهلة الهروب والخروج من القصر كي يفر بجلده، هكذا بهذه الرجولة يمنح سفاح أمريكي لاتيني لعدوه مهلة النجاة رغم دكتاتوريته ودمويته ووحشيته، بما يوحي لنا أن الدكتاتوريات المتواطئة في تدمير حلب وقتل أطفالها الصغار وصبيانها الرضع أكثر وحشية ودموية وإجراما من أعتى الدكتاتوريات التي عرفها العالم.
فلعل السر الكامن وراء البصيص من المروءة التي وجدت في قلب بينوشي رغم دكتاتوريته يكمن في أنه لا ينتمي لأجداد كانوا متعطشين للدماء ولا له جذور تضرب في عمق سلالة دراكولا ولا بوكاسا ولا محاكم التفتيش في أقبية الكنائس الأندلسية، بعكس مجوس القرن الواحد والعشرين الرافضة، وبشار الأسد، وحسن نصر اللات، والشيوعي فلاديمير بوتين.
إن الدماء التي تسير في عروق بشار الأسد هي دماء أجداد لا يمكنهم العيش بدون وضع السيف في الأعناق وبدون إراقة الدماء وذبح الأبرياء وهتك الأعراض وتدمير مآثر التاريخ وآثار الأجداد، إن المؤرخين يجمعون على أن فترة حكم حافظ الأسد ظاهرة غريبة في تاريخ سوريا ويعتبر استمراره في الحكم لمدة ثلث القرن رهينا بامتصاص دماء الشعب السوري وقتل جميع إرهاصات الحرية والاعتراض والمطالبة بالحق في العدل والكرامة والعيش الكريم، فعملية الاغتيالات ولا القتل وسفك الدماء ليست وليدة اليوم في عهد بشار، فمن شابه أبه فما ظلمه، حيث بمجرد أن تولى الدكتاتور الأب الحكم تخلص من القيادات التاريخية لحزب البعث، وخطط للتغلغل في وسط الطائفة النصيرية التي اعتمد عليها في حكمه وهي حركة باطنية تنسب لمؤسسها ومدعي النبوة محمد بن نصير النميري ذي الأصول الفارسية. فالدماء التي سفكها الأسد في تدمر وحماة وغيرهما وتبنيه هواية تشريد الشعب السوري والقضاء على الأديان كل ذلك يعود لكون الأصول العقدية لهذا الدكتاتوري تقوم على نكران اليوم الآخر ونكران الجنة والنار والحساب وتبيح المحرمات. وفي هذا السياق التاريخي و في ظل هذه الأصول العقدية يمكننا تفسير مجزرة حلب وغيرها من المجازر، فلا يقدم على عمليات قتل الأطفال والنساء وسفك الدماء والهدم والدمار إلا رجل لا يؤمن بيوم الحساب ولا بالجنة والنار.
إن أصول نظام بشار الدكتاتوري السفاح هي فارسية إذن ولذلك وقع الانسجام بينه وبين شيعة إيران أحفاد الوزير الخائن ابن العلقمي الشيعي الذي باع الأمة الإسلامية وتآمر عليها بمساعدة هولاكو زعيم المغول، ليتم اجتياح بغداد معقل الحضارة الإسلامية، وإبادة أهلها ودك كل معالم الحضارة والعمران وحرق بيت الحكمة إحدى أعظم مكتبات العالم حينها، وتدمير العديد من المعالم العمرانية الرائعة من مساجد وقصور وحدائق ومدارس ومستشفيات، وكأن شيعة إيران الآن يعيدون كتابة تاريخهم الدموي في سوريا بنفس الحقد والكره لأهل السنة.
وبما أن المرء على دين خليله، فلن يكون أجداد بوتين أرحم ولا أعقل من أجداد بشار أو خامنائي، ولن يكون دمه أقل فسادا من دماء مصاصي الدماء من أبناء المجوس والناصرين أبناء فارس. فلينين جد بوتين يعتبر أحد أكبر مصاصي الدماء الشيوعيين وهو مؤسس أكبر دكتاتورية قامت على سفك الدماء ونشر الإرهاب في روسيا، فلم يكن في قلبه أدنى رحمة تجاه المعارضين له لذلك قتل عشرات الآلاف من المخالفين، وشرد أزيد من خمسة ملايين من جراء الفقر الناتج عن سياسات همجية وحشية مدمرة. وبعد فترة لينين أتى عهد من هو أكثر دكتاتورية وأكثر تعطشا للدماء وأكثر ظلامية ووحشية، جاء استالين ليتمم حلقات الرعب التي بدأها سلفه، إذ قتل أكثر من أربعين مليون نفس بشرية بريئة ذنبها أنها تحلم بالعيش الكريم والحرية والكرامة.
وفي انسجام تام بين الحاضر والتاريخ حاضر وتاريخ هؤلاء السفاحين بشار وخامنائي وبوتين وحسن نصر اللات، يمكن أن نقول أن سياسة لينين من خلال خطوة إلى الوراء من أجل خطوتين إلى الأمام هي هي الخطة التي تم تطبيقها في سوريا حيث في كل مرة يتراجعون إلى الوراء خطوة واحدة من أجل الموافضات والحوارات والتسويات إلا وبعدها خطوا خطوتين في اتجاه تدمير ما تبقى من معالم حضارية تاريخية في سوريا وقتل رجالها الأحرار وسفك دماء أطفالها الأبرياء وتمزيق أجساد نسائها الحرائر.
Aucun commentaire