الشخصية(3)
وفي نظر ابن سينا، أن الإنسان يمكن أن يدرك شخصيته انطلاقا من وعيه بجسده، هذا الجسد، الذي يعتبر أساس إحساس الفرد بأنه لإنسان ،ولكن إدراك الماهية ،أوالشخصية،لا تتم إلا عن طريق إدراك ما هو ثابت وقار ،رغم التغيرات والتبدلات التي تصيب الجسد فمثلا: قد تطرأ على الإنسان العديد من التحولات ،والتغيرات الجسدية أثناء مراحل نموه ،كالطول ، والوزن ،واللحية ،وبياض الشعر، وقد يتعرض لتشوهات في جسده، كجذع أنفه ،وبطر يده …ومع ذلك يبقى هو، هو . وابن سينا يرى أن النفس هي الشيء الوحيد الثابت، الذي لا يتغير في الإنسان. يقول بن سينا :{ تأمل أيها العاقل ، في أنك اليوم في نفسك هو الذي كان موجودا ،جميع عمرك ، حتى أنك تتذكر كثيرا مما جرى من أحوالك . فأنت إذن ثابت ، مستمر، لا شك في ذلك ، وبدنك وأجزاؤك ليس ثاتا مستمرا ، بل هو أبدا في التحلل والانتقاص … فتعلم أن نفسك في مدة عشرين سنة لم يبق شيء من أجزاء بدنك ، وأنت تعلم بقاء ذاتك ، في هذه المدة ، بل جميع عمرك ،فذاتك معايرة لهذا البدن وأجزائه الظاهرة والباطنة .} إن الذي يبقى ثابتا هو الماهية والشخصية أو الجوهر ، وبتعبير ديكارت هو الذات المفكرة أو الأنا التي لا يمكن أن يشك في وجودها ديكارت ولو لحظة واحدة ، بل هي اليقين الذي تنطلق منه كل معرفة صادقة .يقول ديكارت : { قد أستطيع أن أفترض أن لا جسم لي ، ولا مكان أحل فيه ، ولكني لا أستطيع أن أفترض أني عير موجود بل على العكي ينتج عن شكي في حقيقة الأشياء أني موجود – ( أنا اشك إذن أنا موجود ) –فقد عرفت أني جوهر ذاته وطبيعته التفكير ، ولا يحتاج في وجوده إلى مكان ،ولا يخضع لشيء مادي ،وعلى هذه الصورة " الأنا" أو النفس نالتي هي أساس ما أنا عليه متميزة ،تمام التميز من الجسم ،بل هي أيسر معرفة منه ،حتى في حالة انعدامه ، ولا تنقطع هي عن أن توجد مع كل خصائصها .} فالشخصية إذن عند ديكارت ،هي النفس كجوهر ثابت،مستمر ، غير قابل للتغير والتحول ويمتاز بالتفكير، الذي يميزه عن الحيوان ، و يجعل منه كائنا مريدا ، حرا ومسؤولا أخلاقيا ، وقانونيا .إن الشخص في الخطاب الفلسفي الميتافيزيقي هو أساس الشخصية باعتباره تفاعلا بين الجانب البيولوجي في الإنسان ، والجانب السلوكي ،والعقل أو ما يسمى عند الفلاسفة بالذات المفكرة .
أما العلوم الإنسانية، وخاصة علم النفس وعلم الاجتماع، فتصورها للشخصية يختلف عن تصور الفلسفي.إذ نجد الخطاب السيكولوجي يميل إلى دراسة الشخصية كبناء نفسي مجرد (يتبع)
Aucun commentaire