Home»International»قضية اللاجئين بين المستحيل والممكن … الحلقة الثانية

قضية اللاجئين بين المستحيل والممكن … الحلقة الثانية

0
Shares
PinterestGoogle+

قضية اللاجئين بين المستحيل والممكن … الحلقة الثانية

يوسف حجازي

الصهيونية اليهودية

الصهيونية اليهودية منظمة سياسية شوفينية عنصرية استعمارية احتلالية احلالية متطرفة أسسها الصحفي الهنغاري تيودور هرتسل في عام 1897 وتقوم فلسفتها على عدم إمكانية اندماج وتعايش الأقليات
( نحن شعب نسيج وحده وبين الشعوب لا يحسب )

وعلى فكرة أن سيطرة الأكثرية على الأقلية مسألة طبيعية وحتمية ، ولذلك أدت هذه الإيديولوجية ومبادئها وأفكارها ومفاهيمها ووقائعها وممارستها إلى اقتناع العالم بأنها حركة عنصرية ، ولذلك أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار رقم ( 3379 ) في الدورة ( 30 ) في 10/11/1975 الذي تعترف فيه بأن الصهيونية شكل من أشكال العنصرية والتمييز العنصري، وقد علق اسحق شامير رئيس الوزراء الاسرائيلى الأسبق على ذلك بقوله
( لا يمكن الأخذ برأي شعوب هبط أهلها لتوهم من فوق الأشجار ثم حسبوا أنهم زعماء العالم )

وقد كان الهدف من تأسيس هذه المنظمة هو احتلال فلسطين ، والتركيز على الجهد الإنساني وعدم انتظار التدخل الاعجازي للرب في استعادة السنهدرين ( السلطة القانونية والدينية والسياسية العليا لليهود في فلسطين ) وبناء الهيكل الثالث في مكان المسجد الأقصى ، وهكذا نرى أن الصهيونية ظاهرة استعمارية تختفي في ثوب أسطورة لاهوتية كاذبة ، ولذلك اعتبرها الكثير من الحاخات اليهود خيانة لليهودية ، كما أكد هذه الحقيقة مؤتمر فلادليفيا الذي انعقد في عام 1869 أي قبل المؤتمر التأسيسي الأول للحركة الصهيونية في بال في عام 1897 والذي اتخذ القرار التالي
( ليس هدف الرسالة الميساوية لإسرائيل هو إعادة بناء الدولة القديمة ، ففي هذا فصل جديد لليهود عن بقية الأمم ، هدف رسالتنا هو توحيد كل أبناء الله الذين يؤمنون بإله واحد حتى تتحقق تطلعاتهم إلى الطهارة الخلقية )
ولكن الوجه الاستعماري للصهيونية يبدو أكثر وضوحا في مسألة اغتصاب الأرض وفي مسألة الهجرة اليهودية وفي مسألة طرد الفلسطينيين من أراضيهم وممتلكاتهم ولذلك اخترعت أسطورة ارض بلا شعب لشعب بلا ارض ووضعت خطة منظمة لنزع ملكية الأراضي والهجرة اليهودية وطرد السكان الفلسطينيين ومنع عودتهم إلى فلسطين ، وأقوى دليل على ذلك قول هرتسل في يومياته في 12/6/1895
( سنحاول إجلاء السكان المعدمين إلى خارج الحدود بتوفير العمل لهم في البلدان التي يعبرون إليها مع حرمانهم من العمل في بلدنا نحن ويجب أن تتم عملية نزع الملكية وإبعاد الفقراء بتكتم واحتراس )
والدكتور رابين الخبير الزراعي والاقتصادي للوكالة اليهودية بقوله
( الأرض هي العنصر الذي لا يمكن الاستغناء عنه لكي نضرب بجذورنا في فلسطين )

وفي مسألة اغتصاب الأرض بدأت الحركة الصهيونية بسلسلة من الخطوات في هذا الاتجاه ومنها تأسيس مجلة ( الجويش كرونيكل ) في عام 1861 في بريطانيا صاحبة المشروع الصهيوني في فلسطين في مجاله النظري ومجاله التطبيقي ، والاتصال بفرنسا التي أصدرت بعد أحداث دير القمر في عام 1861 البيان الفرنسي الذي أكدت فيه على حماية لبنان المسيحي وفلسطين اليهودية وألمانيا وروسيا والخلافة العثمانية والترويج لأسطورة ارض بلا شعب لشعب بلا ارض ، وأسطورة الصحراء ، وانتشاء الصندوق القومي اليهودي ( الكايرن كايمت ) وصندوق التعمير اليهودي (الكايرن هايسود ) ، والاستيلاء على المشروعات الهامة ( روتنبرج والبحر الميت وتجفيف بحيرة الحولة ) وتصفية البنك العثماني الذي كان يقرض الفلاحين الفلسطينيين وعدم تأسيس بنك آخر حتى يقع الفلاحين الفلسطينيين فريسة سهلة للمرابين اليهود ، وإنشاء المستعمرات الزراعية ( الكيبوتسات والموشافات ) وقد بدأ ذلك فعلا قبل مؤتمر بال حيث أسست أول مستوطنة في فلسطين وهي مستوطنة (بتاح تكفا – باب الأمل ) على أراضي قرية ملبس في شرق يافا في عام 1878، وقد كان ذلك تنفيذا عمليا مطابقا لتلك النظرية الغريبة في الاستيلاء على الأرض وطرد سكانها ترجمة حرفية لما جاء في التوراة
( لنسلك أعطي هذه الأرض من نهر مصر إلى النهر الكبير )
سفر التكوين 15 – 18
( وأعطى لك ولنسلك من بعدك ارض غربتك ، كل ارض كنعان ملكا أبديا )
سفر التكوين 8 – 17
( واجعل نسلك كتراب الأرض ، حتى إذا استطاع احد أن يعد تراب الأرض فنسلك أيضا يعد ، لأن جميع الأرض التي أنت ترى أعطيها لك ولنسلك إلى الأبد )
سفر التكوين 13 – 15 – 16
وقد كانت هذه النصوص التوراتية الكاذبة في نظر الحركة الصهيونية حقيقة تاريخية وصك ملكية وبرنامج سياسي وعسكري .
وكأن الله يعمل وكيل عقارات عند الحركة الصهيونية
وكأن ذرية إبراهيم هم المنحدرون بصلة الرحم وليس بصلة الإيمان
وكأن صلة الرحم تلك تنصب على نسل اسحق ولا تنصب على نسل إسماعيل

لكن ورغم ذلك ورغم المال والإعلام والضغوط العسكرية والاقتصادية لم تتجاوز نسبة الاراضى التي تسربت للحركة الصهيونية ( 5.7 % من مساحة فلسطين ) سواء بالشراء من بعض العائلات الإقطاعية الفلسطينية واللبنانية والسورية أو عن طريق الاحتيال أو تحت وطأة الديون أو بواسطة بعض السماسرة الذين كانوا يعملون لحساب الحركة الصهيونية ، وإذا أضفنا هذه النسبة إلى مساحة الاراضى التي استولت عليها العصابات الصهيونية بالتواطىء مع قوات الانتداب قبل رحيل هذه القوات في 15 / 5 / 1948 وهي نسبة ( 8.3 % ) أصبح كل ما كانت تسيطر علية الحركة الصهيونية من أراضى فلسطين عند إعلان الدولة العبرية في 14 / 5 / 1948، وقبل دخول الجيوش العربية إلى فلسطين هو (14 % من مساحة فلسطين ) إما باقي المساحة التي استولت عليها الدولة العبرية فقد احتلتها من الجيوش العربية
(6 % من مساحة فلسطين في الجليل والساحل إلى الشمال من يافا ومدينتي اللد والرملة استولت عليها من القوات السورية واللبنانية والأردنية في الفترة من بدء القتال في 15/5/1948 وحتى الهدنة الثانية في 18/7/ 1948 .
( 13 % من جنوب يافا وحتى قرية ديرسنيد استولت عليها القوات الإسرائيلية من القوات المصرية في الفترة من بدء سريان الهدنة الثانية في 18/7/1948 وحتى 31 /10/ 1948.
(45 % من مساحة فلسطين من مدينة بئر السبع شمالا إلى قرية أم الرشراش جنوبا وقد استولت عليها القوات الإسرائيلية من القوات المصرية بعد توقيع أاتفاقية الهدنة بين مصر وإسرائيل في 24/2/1949 .
وذلك بالإضافة إلى المناطق المنزوعة السلاح في شمال تل العزيزية ومنطقة بحيرة الحولة ومنطقة بحيرة طبريا ومنطقة العوجا حفير وقد استولت القوات الإسرائيلية عليها في عام 1950 رغم وجود قوات الأمم المتحدة في منطقة العوجا حفير .

وكما وضعت الحركة الصهيونية خطة منظمة لاغتصاب الأرض وضعت خطة منظمة للهجرة اليهودية ، وكما كان الوجه الاستعماري الصهيوني أكثر وضوحا في مسألة اغتصاب الأرض كان أكثر وضوحا في مسألة الهجرة اليهودية ، وكما خلقت أسطورة ارض بلا شعب لشعب بلا ارض خلقت أسطورة شعب الله المختار التي تقوم على التمييز الجنسي والحل العنصري للمشكلة اليهودية بالهجرة إلى ارض فلسطين التي تزعم أن لليهود حقوقا تاريخية ودينية فيها ، ولذلك أطلقت على الهجرة اسم العالية بمعنى الحج أو الصعود إلى ارض الميعاد ، ولجأت إلى التحريض على الهجرة بالإشاعات وافتعال أحداث تجعل اليهود يخشون على حياتهم وممتلكاتهم والضرب على وتر الإرهاب وخطر اللاسامية من جانب ، والإغراء بحياة مستقرة ومستقبل مشرق وإثارة المشاعر الدينية والقومية من جانب آخر ، وقد تمكنت الحركة الصهيونية من إدخال 630 ألف مهاجر يهودي إلى فلسطين في الفترة من عام 1822 إلى 1945 وإدخال الملايين بعد قيام الدولة العبرية في عام 1948 ، وقد كان هؤلاء المهاجرون اليهود أداة الحركة الصهيونية في ضرب العمالة وطرد العمال الفلسطينيين ، وبناء المستوطنات والدولة ، ودروع بشرية وخط دفاع أول في مواجهة الفلسطينيين ، ولذلك إسرائيل جيش يملك دولة وليس دولة تملك جيش ، وكما وضعت الحركة الصهيونية خطة منظمة في مسألة اغتصاب الأرض وخطة منظمة في مسألة الهجرة اليهودية ة ، ضعت خطة منظمة في مسألة التطهير العرقي وطرد الفلسطينيين من مدنهم وقراهم وأراضيهم وممتلكاتهم ، ولكن أود أن أشير إلى أنني لم أبتعد لا كثيرا ولا قليلا لأن مسألة اللاجئين في الأصل والنهاية ترتبط بمسألة اغتصاب الأرض ومسألة الهجرة اليهودية بالمعنى الايجابي الموضوعي الذي يعتمد على الوقائع ، وبالمعنى العلمي الذي يعتمد على الواقع ، وبالمعنى الإنساني الذي يعتمد على تفسير الوقائع والواقع في نشأة الدولة العبرية .

تعريف اللاجئين

أن أول ما يصطدم به الباحث في موضوع اللاجئين هو غياب تعريف موحد للاجئين الفلسطينيين نظرا لاختلاف المصالح التي تعبر عنها الأطراف التي تتعاطى مع قضية اللاجئين الفلسطينيين ، ولذلك نجد أن وكالة الغوث الدولية ( الانروا ) قد عرفت اللاجئ الفلسطيني
( هو شخص كانت إقامته العادية في فلسطين لمدة لا تقل عن سنتين قبيل انفجار الصراع عام 1948 والذي نتيجته خسر منزله ووسائل عيشه ولجأ في عام 1948 إلى واحد من البلدان التي تقدم الانروا فيها خدماتها وأن يكون مسجلا في عملياتها ومحتاجا )
( وفي عام 1993 جرى تعديل هذا التعريف حيث ألغيت معايير الحاجة لتوفير فرصة إضافية للاجئين غير المسجلين لتسجيل أسمائهم في الانروا )
وهو تعريف يتعلق بتفويض الانروا في توفير الإعاشة والسكن للفلسطينيين ولم يقصد به أن يكون تعريفا قانونيا أو سياسيا ، ولذلك وبسبب خصوصية القضية الفلسطينية التاريخية والسياسية لم يجري تصنيف اللاجئين الفلسطينيين مع اللاجئين الآخرين في نظام الحماية العام لاتفاقية اللاجئين الدولية ، وذلك إلى جانب أن هذا التعريف استثنى الفلسطينيون غير المسجلون في وكالة الغوث
( الانروا) والفلسطينيون الذين طردوا من منازلهم وأراضيهم ومدنهم وقراهم وممتلكاتهم في داخل الخط الأخضر ، والفلسطينيون الذين غادروا فلسطين قبل عام 1948 لأسباب اقتصادية أو بسبب الهروب من الخدمة العسكرية في الجيش العثماني ومنعتهم الدولة العبرية من العودة ، لكن ( المادة 6 ) من الميثاق الوطن الفلسطيني الصادر عن المجلس الوطني الفلسطيني الأول الذي انعقد في القدس في الفترة من 28/5 – 2/6/1964 عرفت اللاجئين بأنهم
( الفلسطينيون هم المواطنون العرب الذين كانوا يقيمون إقامة عادية في فلسطين حتى العام 1947 سواء من خرج منها أو بقي فيها ، وكل من ولد لأب عربي فلسطيني بعد هذا التاريخ داخل فلسطين أو خارجها هو فلسطيني )

أما تعريف حق العودة كما جاء في قرار الأمم المتحدة ( 217 أ ) ( د -3 ) المؤرخ في 10/12/1948 فقد نصت ( الفقرة الثانية من المادة 13 ) على ما يلي
( لكل فرد حق مغادرة أي بلد بما في ذلك بلده وفي العودة إلى بلده )

تصنيف اللاجئين حسب الخروج من فلسطين

يصنف اللاجئون الفلسطينيون حسب أسباب الخروج من فلسطين إلى خمس فئات

الفئة الأولى : الفلسطينيون الذين هاجروا من فلسطين قبل نكبة 1948 إلى أمريكا اللاتينية والولايات المتحدة لأسباب اقتصادية آو أسباب تتعلق بالفرار من الخدمة العسكرية في الجيش العثماني.
الفئة الثانية : الفلسطينيون الذين طردوا من منازلهم ومدنهم وقراهم وممتلكاتهم بعد نكبة 1948 ويقدر عددهم حسب إحصائية الأمم المتحدة في عام 1948 بحوالي 726 ألف لاجئ يعيشون في مخيمات الشتات وبلدان اللجوء .
الفئة الثالثة : الفلسطينيون الذين لم يغادروا فلسطين بعد نكبة 1948 ولكنهم اقتلعوا من منازلهم ومدنهم وقراهم وممتلكاتهم وأجبروا على التجمع في ثلاث تجمعات في الجليل والمثلث والنقب ويقدر عددهم بحوالي 300 ألف لاجئ .
الفئة الرابعة : الفلسطينيون الذين نزحوا من عن الضفة وغزة بعد نكسة حزيران 1967 ويقدر عددهم بحوالي 350 ألف نازح وتمنع إسرائيل عودتهم .
الفئة الخامسة : الفلسطينيون الذين هاجروا لأسباب اقتصادية بعد نكسة حزيران 1967 وتمنع إسرائيل عودتهم إلى غزة والضفة .

تصنيف الفلسطينيون حسب الوضع القانوني

يصنف الفلسطينيون حسب الوضع القانوني في بلدان الشتات ، والوضع القانوني في الدولة العبرية وأراضي السلطة الفلسطينية وفقا للقوانين الإسرائيلية إلى أربع فئات
الفئة الأولى : فلسطينيو الشتات وهم جزء من الشعب الفلسطيني المنفي الذين اندمجوا في المجتمعات المستقبلة ولهم وضع قانوني بواسطة جنسية أو إقامة دائمة مثل الفلسطينيين في الأردن وكندا والولايات المتحد الأمريكية وأمريكا اللاتينية والسويد والنرويج ونيوزلندا واستراليا .
الفئة الثانية : فلسطينيو الترانزيت وهم سكان مخيمات اللجوء الذين لهم وضع قانوني مؤقت وينتظرون العودة إلى منازلهم ومدنهم وقراهم وممتلكاتهم .
الفئة الثالثة : الفلسطينيون داخل الخط الأخضر والذي تطلق عليهم إسرائيل العرب المقيمون في دولة إسرائيل
الفئة الرابعة : الفلسطينيون المنصهرون الذين ذابوا في المجتمعات المستقبلة بسبب طول فترة الهجرة والظروف الذي عاشوها في بلاد المهجر .

أسباب الخروج من فلسطين

قال ديفيد بن – غور يون رئيس وزراء الكيان الصهيوني في خطاب له أمام الكنيست في عام 1961 ( لقد بدأ رحيل العرب من إسرائيل فورا بعد قرار التقسيم وفي حيازتنا وثائق صريحة تشهد على أنهم غادروا فلسطين بناء على تعليمات من الزعماء العرب وعلى رأسهم المفتي على أساس الفرضية القائلة أن هجوم الجيوش العربية سوف تقضي على الدولة العبرية وترمي اليهود جميعا في البحر ) لكن وبعد الاطلاع على الوثائق الإسرائيلية التي وضعت في التصرف ابتداء من عام 1978 بموجب قانون الثلاثين عام رد المؤرخون الإسرائيليون الجدد على رواية ديفيد بن – غور يون برواية مختلفة تستند إلى المحفوظات الإسرائيلية ، وقد وصف المؤرخ الإسرائيلي " بني موريس " الذي ينتمي إلى حركة ( هشومير هتسعير ) وهي حركة صهيونية يسارية في كتابه " نشأة قضية اللاجئين " والذي يسخر فيه (من الوجه الأبوي العطوف الذي يضفيه على بن غور يون المؤرخ الصهيوني المتشدد " شبتاي طيفت " ووصفه بالمهجر الأكبر ) لأنه هو الذي قاد العمليات العسكرية والسياسية والدبلوماسية من أولها إلى آخرها من العام 1947 إلى العام 1949 ، ولأنه كان المخطط والمنفذ للإجراءات التي أدت إلى طرد الفلسطينيين والى إعاقة عودتهم ، وهو الذي وضع الخطة العسكرية دالت التي كان هدفها طرد جميع القوات المعادية فعلا أو افتراضا ، وهو الذي أعلن أمام حزب مابام في 7/2/1948 ( أن ما حدث في القدس حيث لم يعد هناك عربي يمكن أن يتكرر في جزء كبير من البلد ، ومن الممكن أن تطرأ خلال 6 أو 8 أو 10 أشهر من الحرب تغييرات مهمة في تركيبة السكان ) وهو الذي أوحى بطريقة شبه سرية بعملية إبعاد 3500 فلسطيني ظلوا في حيفا من مجموع 85 ألف وتدمير أحيائهم القديمة ، وهو الذي اصدر الأمر بطرد أهالي اللد والرملة ، وهناك محطة أخرى تجلت فيها عبقرية بن – غور يون اللغوية عندما أجاب على سؤال يعقوب رفتن الأمين العام لحزب مابام عما سيكون مصير الفلسطينيون في الشمال قائلا ( انه إذا تجددت المعارك في الشمال فإن منطقة الجليل ستصبح نظيفة وخالية من الفلسطينيين )

ولكن ورغم أن بني موريس قد حمل بن غور يون وإسرائيل مسؤولية تهجير الفلسطينيين إلا انه لم يعتبر أن ذلك قد حصل وفق خطة مدروسة وموضوعة مسبقا وهذا عكس ما قاله
المؤرخ أفي شلايم الذي يؤكد أن الخطة كانت موضوعة بالاتفاق مع الملك عبد الله
والمؤرخ سيمحا فالبان الذي يؤكد وجود خطة لتهجير الفلسطينيين إلى الدول العربية
والمؤرخ نعوم تشومسكي الذي يؤكد في كتابه ( قراصنة وأباطرة ) على استمرارية اعتماد إسرائيل على مبدأ الترانسفير
والمؤرخ حاييم بنفنستي الذي قال في حديث مع صحيفة هآرتس في تشرين أول 2007 ( أن المجتمع الفلسطيني تم تمزيقه إلى أشلاء منفصلة )
والمؤرخ أيلان بابيه الذي ينتمي إلى التيار اليساري الراديكالي الذي أكد في محاضرة له في مدينة الناصرة أن إستراتيجية الجيش الإسرائيلي في حرب 1948 كانت تنفيذا للخطة التي وضعها دافيد بن – غور يون و18 من كبار مساعديه السياسيين والعسكريين ، وقد كتب بن – غور يون الوثيقة بيده في 10/3/1948 قبل بدء الحرب ، وشملت الخطة توزيع فلسطين إلى مناطق جغرافية وأوكل إلى قيادة الهاغاناة مهمة تنفيذها عندما تبدأ الحرب ، ولخص بن غور يون الخطة بكل صراحة عندما قال ( يجب استحواذ الجيش اليهودي على اكبر مساحة من فلسطين مع اقل ما يمكن من الفلسطينيين )

وذلك بالإضافة إلى يوسف فايتس أحد رواد الاستيطان الصهيوني والمسؤول عن دائرة الإحراج واستثمار الأراضي في الصندوق القومي اليهودي ورئيس لجنة الترحيل الرسمية الذي قال في عام 1940
( انه يجب أن يكون من الواضح انه ليس من مساحة في هذا البلد تكفي شعبين ، فإذا غادر العرب سيصبح البلد رحبا ويتسع لنا ، والحل الوحيد بعد الحرب العالمية الثانية هو ارض إسرائيل على الأقل الجزء الغربي أي القسم من فلسطين الواقع غربي نهر الأردن دون عرب ، وليس هناك تسوية ممكنة بشأن هذه النقطة ، وما من وسيلة أخرى إلا بترحيل العرب من هنا إلى البلاد المجاورة )
ولذلك اقترح على شرتوك وزير خارجية الدولة العبرية في 28/5//1948 تشكيل لجنة من ثلاثة أعضاء تكون مهمتها العمل على تحويل فرار العرب ومنعهم من العودة أمرا واقعا ، وبعد أن قدر أعضاء اللجنة انه تم طرد سكان 190 قرية و7 مدن أي ما يقارب 335 ألف فلسطيني اقترحوا اعتماد خمس إجراءات من شأنها توطيد عملية الطرد وتوسيعها وهي
تدمير القرى الفلسطينية قدر الإمكان خلال العمليات العسكرية
تحريم جميع أنواع الزراعة على الفلسطينيين
توطين اليهود في القرى والمدن الفلسطينية بما يمنع حدوث أي فراغ
وضع تشريعات لمنع العودة
القيام بحملة دعائية ضد العودة

وذلك إلى جانب سن قانون الطوارئ الخاص بأملاك اللاجئين الذي أقرته الحكومة العبرية في 30/6/1948 وجرى تعديله في عام 1950 والذي حدد الغائبين على أنهم جميع الفلسطينيين الذين غادروا أماكن إقامتهم في الفترة من 29/11/1947 إلى 1/9/1948 سواء كانوا غادروا إلى الخارج أو إلى المناطق الفلسطينية التي احتلتها الجيوش العربية ، على أن توضع أملاكهم في عهدة حارس أملاك الدولة الذي سيسمى لاحقا القيم على أملاك الغائبين ، وفي 28/8/1951 اتفق فايتس مع شاريت وبن – غور يون على ترحيل أهالي الجليل إلى الأرجنتين وقد ذهب إلى الأرجنتين واشترى 600 ألف دونم وزار الجليل لإقناع السكان بقبول مشروعه ولكن وفي زيارة له إلى قرية الجش قال له مواطن فلسطيني ( لا توجد بلاد أفضل من بلادنا هذه ، أن جبالنا أروع من سهولهم ، فكل صخرة تخرج نبتا وكل حجر يؤتي ثمر )
ولكن وفي آخر حياة يوسف فايتس اعترف بأنه لا مناص من حل عادل يعترف بحقوق الفلسطينيين كما اعترف بذلك ابنه يحاييم فايتس المحاضر في جامعة حيفا .
وقد أكد هذه الحقيقة التطهير العرقي أيضا أبا أيبان وزير خارجية إسرائيل بعد فشل مؤتمر لوزان حيت قال ( أن إسرائيل ليست بحاجة إلى السعي وراء السلام فاتفاقيات الهدنة تكفينا فإذا طلبنا السلام سيطلب منا العرب ثمنه أما الحدود وأما اللاجئين وأما الاثنين معا فلننتظر .
وكذلك رحبعام زئيفي مؤسس ورئيس حركة موليدت وزير السياحة الإسرائيلي الذي كان ينادي بفكرة الترانسفير واحتلال الأردن وتوطين الفلسطينيين فيها ، وكان يصف الفلسطينيين مرة بالقمل ومرة أخرى بالسرطان ، وقد أطلق عليه أربع أشخاص من كوادر الجبهة الشعبية النار في فندق ريجنسي في 17/10/2001 ردا على اغتيال القائد الفلسطيني الكبير أبو على مصطفى الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في آب 2001 ، والذي اعترف صراحة انه لا يدعي امتلاك حق ابتكار فكرة الترانسفير لأنها أخذها من أساتذة الحركة الصهيونية وقادتها مثل دافيد بن – غور يون الذي قال من جملة أمور أخرى ما يلي
( أن أي تشكيك من جانبنا في ضرورة ترحيل كهذا ، وأي شك عندنا في إمكان تحقيقه ، وأي تردد من قبلنا في صوابه ، قد يجعلنا نخسر )
وقد نشر بني موريس في عام 1986 دراسة أشار فيها إلى العوامل التي أدت إلى ترحيل الفلسطينيين في الفترة من 1/2/1947 إلى 1/6/1948 وقد اعتمد فيها على وثيقة أعدها فرع الاستخبارات في وزارة الدفاع الإسرائيلية بتكليف من دافيد بن – غور يون رئيس الوزراء ووزير الدفاع في الدولة العبرية
العمليات العسكرية التي نفذتها قوات الهاغاناة وقد أسهمت بنسبة 55%
العمليات العسكرية لقوات ( أرغون وليحي ) وقد أسهمت بنسبة 15%
الاعتبارات المحلية والخوف من المستقبل وقد أسهمت بنسبة 20%
الأوامر من المؤسسات العربية وغير الرسمية وقد أسهمت بنسبة 2%
أوامر بالرحيل من القوات الإسرائيلية وقد أسهمت بنسبة 2%
حملات النفس اليهودية ( الحرب النفسية ) وقد أسهمت بنسبة 2%
الخوف من انتقام اليهود بعد هجوم العرب على مواقع يهودية وقد أسهمت بنسبة 1%
ظهور قوات عربية غير نظامية من خارج القرى العربية وقد أسهمت بنسبة 1%
الخوف من هجوم الجيوش العربية النظامية وقد أسهمت بنسبة 1%
القرى العربية المعزولة وسط منطقة يهودية وقد أسهمت بنسبة 1%

لكن بني موريس لم يشير إلى دور المذابح التي ارتكبتها العصابات الصهيونية وجيش الدفاع الإسرائيلي في التطهير العرقي والتي بلغ عددها أكثر من 35 مذبحة أشهرها مذبحة دير ياسين التي كانت قد وقعت في عام 1942 ميثاق عدم اعتداء مع المستوطنات المجاورة ، وأكبرها مذبحة الدوايمة وبعض القرى تعرضت لأكثر من مذبحة مثل قرية سعسع وبعضها حرق أهلها أحياء مثل قرية الطيرة في قضاء حيفا وأكثر من 100 عملية قتل جماعي ، وقد اعترفت منظمة الأرغون بدور المجازر في التطهير العرقي وأصدرت بيان قالت فيه ( إن احتلال دير ياسين ولد الرعب في أوساط الفلسطينيين في القرى المجاورة ، وبدأت بفعل الصدمة عملية الفرار مما سهل استعادة التواصل بين القدس وسائر البلد ) كما اعترف بهذا الدور مناحيم بيغن الذي قال ( أن أسطورة دير ياسين ساعدتنا بنوع خاص على إنقاذ طبريا واحتلال حيفا ) وأيضا الهاغاناة التي قالت في بيان لها
( أن دير ياسين كانت عامل تسريع قاطع في فرار الفلسطينيين )

لكن الشاعر أيا كوفنز الناجي من المحرقة النازية في اوشفتز والضابط الثقافي في كتيبة غفعاتي ذهب إلى أكثر من ذلك وكتب إلى سائقي الدبابات يقول
( لا تترددوا يا أبنائي فهؤلاء القتلة عقوبتهم يجب أن تكون دما ، وكلما طاردتم كلاب الدم هؤلاء أحببتم الجمال والطبيعة والحرية )
و قال أيضا
( الحرية عادلة والدم حلال لأن ساعة العقاب تنادي الانتقام الانتقام )
وقد علق على المجزرة جاك دو رينيه مبعوث لجنة الصليب الأحمر الدولية بقوله
( لا استطيع تصوير بشاعة ما جرى )
والكاتب الاسرلئيلي مارتن بوبر احد رواد فكرة الوطن ثنائي القومية الذي قال
( دير ياسين نقطة سوداء في شرف الشعب اليهودي ) ومسؤول القسم العربي في حزب مابام اهارون كوهين الذي قال في مذكراته ( انه جرى تنفيذ عملية طرد متعمدة للعرب ، وقد يطيب هذا الأمر للآخرين أما أنا كاشتراكي فإن هذا يشعرني بالخجل ويرعبني ، إذ أن دولة إسرائيل عندما تنشأ ستبقى واقفة على سلاحها إذا ما هي ربحت الحرب وخسرت السلام ) كما انه لم يشير إلى دور حرب 1948 في التطهير العرقي وفي تسهيل عملية يوسف فايتس الذي كان عليه من قبل أن يفاوض ويدفع ثمن كل دونم ، فإذا بالهجرة الفلسطينية قد مكنت الصندوق القومي اليهودي من وضع يده على ارض يصعب شراؤها وطرد عائلات الفلاحين ممن وضعوا أيديهم على ارض كان ملاكها العرب الغائبون قد باعوها ، والاستيلاء على مناطق راموت ومناشي وقيرة وقامون ويوكنعام ودالية الروحاء ذات الأغلبية العربية والذي كان فايتس قد قال عنها ( الم يحن الوقت للتخلص من هذه الأشواك بيننا )

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *