صحيفة القدس العربي..تسعة عشر عاما من العطاء
في هذه ألأيام تطفىء "صحيفة القدس العربي"شمعتها العشرين..!
"
وُلدت في مخيم في قطاع غزة، وأصلي من مدينة أسدود التي أصبح الروس –للأسف- أولى منّا بها. كان لي عشرة من الاخوة والأخوات. رأينا الفقر والحرمان طيلة حياتنا، توفي الوالد وأنا عمري 15 سنة، إشتغلتُ في الأردن في مصنع لتغليف البنادورة ومن ثم سائقاً لسيارة زبالة في أمانة عمان، ثم تعلمتُ في جامعة القاهرة وحصلت على بكالوريا الصحافة من كلية الآداب ودبلوم ترجمة من الجامعة الأمريكية في القاهرة، إلى درجة الماجستير في السياسة.
إنتقلتُ للعمل في الصحافة في صحيفة الشرق الأوسء ومن ثم رئيساً لتحرير صحيفة القدس العربي حيث أعمل الآن.
وحقيقةً إن الإنسان ليفرح لوصوله من شخصية فقيرة إلى شخصية تُوصل صوت العرب من جميع أنحاء العالم إلى العالم الآخر عن طريق الصحف والتلفزيونات والراديوهات.
كنا في صغرنا نمشي حفاةً إلى المدرسة، ساعة من الذهاب وساعة من الإياب. وكانت أول مرة ألبس فيها الحذاء عندما كان عمري 6 سنوات، وكان الحذاء لأخي الأكبر مني وقد أصبح ضيقاً بالنسبة لقدميه فقام بتوريثه لي. وكان أخي قد تسلم الحذاء من وكالة الغوث. لبست الحذاء لأنه كان ممنوعاً أن نأتي إلى المدرسة بدون حذاء، وعندما كنا نخرج من المدرسة كنا نضع الحذاء في الحقيبة ونرجع إلى البيت حفاةً حتى يصمد الحذاء مدةً أكثر ولا يتلف.
كانت المدرسة على البحر، وبين الفصول كنا نذهب للسباحة. عندما كنت في الجامعة قضيت أربع سنوات فيها بقميصين وبنطلونين فقط لا غير، وفي حفلة التخرج من الجامعة إستعرتُ جاكيت ابن خالي.
والله لقد عشت الجوع، لأننا عشرة اخوة، وكان الأب مريضاً، وكنا نقسم البيضة قسمين. كنا نصطاد العصافير ونأكلها، ونصطاد السمك لنتغدى به."..!
هذه اقوال الاستاذ الكاتب والصحفي الفلسطيني اللامع عبد الباري عطوان مؤسس ورئيس تحرير صحيفة"القدس العربي" والتي تصدر في لندن منذ تسعة عشرعاما.
تسعة عشر عاما من العطاء والكفاح بعيدا عن الانتماء الاعلامي لأية جهة عربية رسمية..اعلام حقيقي وغير تبعي مغردا من خارج السرب الاعلامي الرسمي العربي…تسعة عشر عاما تعرض خلالها طاقم العاملين والقائمين على هذه المؤسسة للكثير من المضايقات والاتهامات والحملات التشويهية وحتى التخوينية ومن جهات عديدة ومتنوعة وكان الهدف الرئيسي من وراء ذلك كله هو اسكات صوت الحق والي الأبد، لان الاعلام الحر والصادق والصحافة المستقلة،واحترام وتقدير الرأي الحر الجريء تعتبر بمثابة خطان متوازيان لا يلتقيان مهما امتدا مع قادة الأنظمة العربية والاسلامية،وان كل هذه المصطلحات والمفاهيم قد تم حذفها من معجم التعبير في العالم العربي, ولا ابالغ بأنها لم تكن يوما موجودة في هذا المعجم ولن يكون لها وجود حتى في المستقبل.
لم تتغير مواقف ومبادىء هذا الصرح الاعلامي على الاطلاق, ليس لأنه ضد التغيير، وانما لأن له مبادئه وثوابته الراسخة والتي لها جذور في اعماق الأرض وأوراق شامخة في السماء ولا يحيد عنها مهما كان السبب..وقد قام هذا الصرح الاعلامي بالدفاع عن هذه الثوابت والمبادىء دفاعا مستميتا لأن التفريط فيها يصب في النهاية في خدمة المشروع الصهيو-امريكي..وكما قال من قال: قف دون رأيك في الحياة مجاهدا**ان الحياة عقيدة وجهاد..!
لقد تم فرض القيود على هذه الصحيفة وتم منع استيعابها وتواجدها وطباعتها في الكثير ممن يطلقون على انفسهم بأنهم دعاة الديموقراطية وحرية التعبير وهم الذين سمحوا بل فتحوا جميع الأبواب امام القنوات والفضائيات الطائفية والعنصرية الحاقدة لزرع بل لزيادة الاختلافات والخلافات بين ابناء امتنا العربية الواحدة, ولكن وكما قال الامام الشافعي رحمه الله:يعيب الناس كلهم الزمانا**وما لزماننا عيب سوانا…نعيب زماننا والعيب فينا**ولو نطق الزمان بنا هجانا..وليس الذئب يأكل لحم ذئب**ويأكل بعضنا بعضا عيانا..!
لقد تعرضت هذه المؤسسة للتهديدات وكذلك للعروض المغرية, وفي هذا السياق يقول الاستاذ عبد البااري عطوان:"تعرضنا لتهديدات كثيرة، مثلما تلقينا عروضا مالية مغرية جدا، ولكنها مشروطة بتغيير خطنا التحريري، والعودة الي السرب الاعلامي الرسمي، فلم نخف من الاولي، ولم تغرنا الثانية رغم الظروف المالية الصعبة المرفوقة بحصار توزيعي واعلاني خانق، وفضلنا ان نواصل مسيرتنا كما بدأناها، نحمل الأهداف نفسها، وندافع عن القضايا نفسها بكل عزيمة وقوة.
ما زلنا نصدر من شقة متواضعة في حي لندني متواضع، وبعدد محدود من الزملاء الشرفاء، لا يزيد تعدادهم عن عشرين شخصا، ابتداء من سكرتيرة للصحيفة كلها، ومرورا بالتحرير وادارته والتصحيح والاخراج، وانتهاء برئيس التحرير. نخبة من المحاربين الشجعان القابضين علي الجمر، المؤمنين بالرسالة، المتطرفين في الانحياز لقضايا الحق والعدالة والمساواة ونصرة المظلوم".
ومن بعض الأقلام المأجورة والتي هاجمت هذه الصحيفة ورئيسها "صقر النماص" حيث يقول:
"
تعليقا على مقال عميل الموساد عبد الباري عطوان اللذي تناول فيه علماء المملكة العربية السعوديه ووضع مقارنة بينهم وبين البوذيين البورماويين ولكن لا نقول الا حشرك الله مع البوذيين اللذين تقارنهم بجهابذة الاسلام وعلماء الامه اللذين لم يصدرمنهم الا كل خير للاسلام والمسلمين…ثم تطرق الى المملكة وحكامها وبدورهم العربي والاسلامي مشككا ونابحا كعادة المرتزقه..لن يكون هناك افضل مما ذكرت يا عطوان بالنسبه لخدمة اسيادك في تل ابيب والدوحه وطرابلس…ثم يمضي قائلا:"جريدة القدس وفقا لتقرير مخابراتي صدر عن المخابرات الأردنية يتم تمويلها عبر رجل أعمال يهودي إنجليزي على علاقة بالموساد وهذا الرجل يمتلك المبنى الذي تحتله الآن جريدة القدس في لندن وتقيم فيه مجانا"..!
والى النماص صاحب القلم المأجور اقول (مع ان السيد عطوان ليس بحاجة لمن يدافع عنه): لو كان كلامك صحيحا فلماذا رفضت امريكا منح عطوان تأشيرة دخول لأاراضيها لالقاء محاضرات في بعض جامعاتها مع انه يحمل الجنسية البريطانية؟وأريد ان اذكرك بأن زعمائك كانوا يرقصون مع سيدهم مجرم الحرب "بوش" وهو يحمل سيف الفتوحات الاسلامية في الوقت التي كانت فيه غزة تودع شهدائها الذين سقطوا في المجزرة الصهيونية الأخيرة على غزة وبضوء اخضر من"بوش"..اليست هذه جريمة يا نماص؟ لماذا تخافون الحقيقة وتشجعون الباطل؟ أين العروبة والاسلام؟ ألم يصدق الشاعر الكبير الراحل نزار قباني حينما قال:
"أنا…بعْدَ خمسين عاما..أحاول تسجيل ما قد رأيتْ..رأيتُ شعوبا تظنّ بأنّ رجالَ المباحثِ
أمْرٌ من الله…مثلَ الصُداعِ…ومثل الزُكامْ…ومثلَ الجُذامِ…ومثل الجَرَبْ… رأيتُ العروبةَ معروضةً في مزادِ الأثاث القديمْ…ولكنني…ما رأيتُ العَرَبْ..!!
كل ما يطالب به الاستاذ عطوان هو احلال الديموقراطية في عالمنا العربي والاسلامي وهذا الأمر لن يتم طالما وجد اشخاص على شاكلتك يا"نماص" وللأسف هم كثيرون..ألم يكن أحد المسؤولين الأوروبيين الكبار على حق عندما قال: "كيف تريدون منا أن نناصر قضاياكم إذا كنتم أنتم أنفسكم لا تناصرونها، ولا تناضلون من أجلها"..!
معروف أنه ليس بالامكان أن تصنع العجة من دون كسر البيض.. لكن الخلطة السحرية في عالم الصحافة لها إساتذتها وأعلامها وانه في بعض الأحيان يمكن فعلا للصحفي ان يعد طبق"العجة" بدون تكسير البيض او يصنع شيئا من لا شيء…وأخيرا أتمنى لصحيفة "القدس العربي" وللقائمين عليها وعلى رأسهم الاستاذ عبد الباري عطوان"ابو خالد" المزيد من العطاء و"عقبال المئة عام"..!
Aucun commentaire