زديني ترفا زديني ..
يبدو في الأيام الأخيرة أن التسابق أصبح محموما والمنافسة حامية بين السادة أعضاء الحكومة الموقرة و أصحاب الحظوة والمهابة من رؤساء الجهات و العمداء و رؤساء المجالس الجهوية و الحضرية ، تسابق ليس في إبداع المشاريع التنموية ، والبرامج التطويرية التي بإمكانها المساهمة في تحريك عجلة النمو و التطور بهذا البلد الأمين ، أو في ما يمكن أن يدفع عنه شيئا من الكرب و الهم الذي ما فتأ يلفه منذ أمد غير بعيد ، أو في ما قد يجعل مواطنه ينعم بقسط ولو بسيط من الأمن الروحي والاجتماعي ،أو بعض من الراحة المادية ، التي تجعله يحس بكرامته كإنسان كامل الإنسانية ، وليس مجرد رقم انتخابي ، يلقى به وبأحلامه في ردهات النسيان بمجرد ما ينتهي المهرجان الانتخابي الفلكلوري..
قبيل مطلع الشهر الكريم و خلاله وبعده ، تطالعنا الصحف والمجلات كل يوم بخبر عن هذا الوزير أو ذاك العمدة ، أو رئيس جهة أو رئيس مجلس حضري هنا أو هناك ،يأتينا نبأهم وقد اجتمعوا كلهم على التنعم والتمرغ في بحبوحة المال العام ، الذي جُعِل بين أيديهم دون رقيب او حسيب .. فهذا شيخهم الأول ، يبدي أمام الملأ امتعاضه واستهجانه البائن من ركوب سيارة متواضعة من قبيل « داسيا » ، لأنها لا تليق ومكانته كرئيس للحكومة ، ولا تنسجم مع السلوك السليم ،حسب تعبيره .. مبديا عزمه اصراره الأكيد بل ورغبته الدفينة في اقتناء سيارة بل سيارتين فارهتين من نوع « مرسديس » ، اللتان ستكلفان ميزانية الدولة أكثر من 600 مليون سنتيم ، ناهيك عن مصاريف البنزين و الصيانة ، وهناك في أقصى الجنوب الشرقي الفقير ، يأبى السيد رئيس الجهة الأفقر في المملكة إلا أن يقتني سبع سيارات فارهات من نوع « توارك » بقيمة 284 مليون سنتيم، لأنها حسب زعمه السديد، تنسجم مع طبيعة المنطقة القاسية جدا ، مما يسهل على نوابه المحترمين التنقل بكل يسر وفي أحسن ظروف الرفاهية و البذخ ، وكأن النواب المحترمين لم يعلموا بصعوبة التضاريس إلا بعد ان ضمنوا مقعدا لهم بين ذوي الحظوة والمهابة ، بل وكأنهم لم يزوروا هذه المنطقة من قبل، و إن ما حصلوا عليه من أصوات كان عن بعـد ، أو عبر وسيط مجهول تكفل هو بتمثيل وتقديم هؤلاء للناخب الكريم .. وهنالك أيضا ، رئيس جهة يستفيد من مبلغ بملايين السنتيمات لإعادة تأثيث مسكنــه ، وآخر من أجل تأثيث مكتبه ،و و .. مظاهر ريـع وبذخ ورفاهية ، لا يخجل أصحابها من الإعلان عنها، وكأنها أضحت من صميم حقوقهم ، ومن خالص أموالهـم ..
هذا الترف الذي يتنافس مسؤولينا للظفر منه قدر الإمكان، ازداد استفحالا وتفشيا مع إطلالة هذه الحكومة السعيدة ، التي روج قادتها خلال حملاتهم الانتخابية لخطاب تقشفي تزهدي ، قدم مرشحيه في صورة الأتقياء الأنقياء ، الذين لا يرون في وسخ الدنيا إلا نعيما زائلا و منكرا لا يجب الالتفات إليه ، ولا شغل النفس والقلب بالسعي وراءه .. خطاب أغرقنا في بحبوحة من الأوهام و الأحلام التي قدمت لنا الغد بألوان قزح ..
يصير كل هذا مع أن السيد رئيس الحكومة الموقر ، كان قد أصدر سنة 2014 منشورا يدعو إلى تشديد المراقبة على استعمال سيارات الدولة، ويحدد سقفا ماليا أقصى لكل صنف من أصنافها، بل و يعطي لعناصر الأمن والدرك صلاحيات حجز سيارات الدولة التي يتم استخدامها خارج أوقات العمل..
فأين نحن من الخطاب الحكومي هذا ؟ وأين نحن من وعود محاربة الريــع ، و تقنين الامتيازات ؟ ثم ، أليس هذا وجه من أوجه تبذير المال العام الذي يناقض الخطاب الحكومي الداعي إلى ترشيد نفقات الإدارة المغربية ؟؟ أم إن ترشيد النفقات و خطاب الزهد والتقشف هذا، لا يعني السادة النواب و الوزراء و رؤساء الجهات ؟؟ و إنما هو خطاب يستهدف الذين سلكوا محجة التقشف والزهد قسرا ، لقلة ذات اليد ،ولامتناع السبل والحيل.. ألم يعلموا أن التبذير من الشيطان ، وأن الاقتصاد من الرحمـان ؟؟ ، ولكل طريق هو سالكهـا ، ولكل طريق منقلب ومستقر، فأي منقلب سينقلبون ؟؟
محمد المهدي ــــ تاوريرت ــــ 04 يوليوز 2016
3 Comments
لقد أكلوا البلاد و العباد .. لقد نهبوا الحرث و النسل .. هؤلاء هم التتر الجدد الين تجاوزوا كل الحدود ، لقد دخلوا علينا بخطابات التقوى و الورع والزهد وهم أشد الناس حبا للمال و الجاه و الدنيا .. اللهم اقتص لنا منهم فانهم غلبونا وغالبونا و قاسموننا أقواتنا ، وضيقوا علينا دنيانا بحالفهم معى الفصاد و اللصوص والحرامية .. اللهم انا ضعفاء فانتصر .. قولوا آمين .
لقد اصبح المال العام سائبا الى درجة لم يعهدها المغاربة وخاصة مع وزراء الزبل والشكلاطة و الكراطة و الكاط كاط وزيد وزيد
كل واحد يقول انها فرصتي الأخيرة ، يجب ان اغنم بقدر الامكان من الغنيمة ، لأنها إن لم أخذها لنفسي سيأخذها آخر انفسه » اللهم أنا ولا واحد آخر »
اللهم آمين يا رب العالمين .. اللهم خذ لنا الحق منهم وارينا فيهم يوما كيوم عاد وثمود فانهم احتقرونا واستخفوا باصواتنا ونقضوا عهودهم معنا