من مسامير جسد التعليم المغربي
من مسامير جسد التعليم المغربي
عبد العزيز قريش
قبل البدء:
في هذه الورقة سنطرح على الرأي العام المغربي عامة والتربوي والتكويني خاصة قضية حساسة للمناقشة والتداول بين الفاعلين التربويين والرأي العام المغربي ، وهي من بين أهم القضايا التي حاسبنا عنها التقرير الأخير للبنك الدولي حول التعليم وهي التقويم والمساءلة العامة، التي تعد مدخلا رئيسا من بين المداخل الأخرى لتحفيز القطاع على الأداء الجيد. لأنها تعتبر لحظة المكاشفة والمصارحة والشفافية مع الذات ومع الآخر بعيدا عن التقارير التي ترسم لوحات فنية رائعة بألوان زاهية، يقبع في ظلالها الموضوع الحقيقي للوحة المستور، بل الذي لا يرغب فيه البعض أن يظهر على السطح، خوفا من النقد ومسكا بالامتيازات والمصالح الخاصة. وهو أمر يجب مقاربته من وجه النظر الجماعية والعامة للمجتمع المغربي مادام قطاع التعليم قطاعا جماعيا معني به الجميع.
من أجل الولوج:
مـن بين الأسباب التي أدت إلى أفضلية أداء الأردن والكويت ولبنان تعليميا حسب البنك الدولي ـ بعيدا عن تحفظاتي عليه وملاحظاتي الخاصة ببعده السياسي والنفعي واستحضارا لبعض حقائقه الموضوعية التي لا يمكن أن ينكرها إلا جاحد ـ أن لهذه البلدان ( أنظمة أفضل نسبيا للتقييم والمتابعة ومنح المكافآت في المدارس العامة )[1]. بينما لم يجد المغرب نفسه ضمن هذه الثلاثية من الأنظمة، وهي أنظمة في الواقع لها دور كبير في جودة التعليم، وفي تحفيز القادر " الكوادر " على الانخراط بفعالية وإيجابية في الأداء التعليمي على مختلف المستويات. فالتفتيش التربوي على سبيل المثال " مدخل من مداخل تطوير منظومة التربية والتقويمية. وأن هذا المدخل، ومن خلال التركيز على الفعالية المنهجية والتكوينية والتقويمية، يزيد من قدرة منظومة التربية والتكوين على التطور والتحديث "[2] مما رتب المغرب في مؤخرة القافلة، وهو الشيء المستغرب في ظل عشرية الإصلاح، وفي ظل المرتبة الثانية التي تحتلها قضية التربية والتكوين من الأولويات الوطنية بعد قضية وحدتنا الترابية! وما جاء به الميثاق الوطني للتربية والتكوين من فلسفة تربوية وتكوينية استباقية وواضحة مهما انتقدناه ومهما خالفناه، فهو الحد الأدنى الذي تم الاتفاق عليه من قبل المنخرطين في إنجازه وقبلته السياسة العامة بالبلاد وحضي بموافقة العاهل المغربي الملك محمد السادس أعلى سلطة في البلاد. يبين بصراحة رؤية الجهة الرسمية لسحنة المنظومة التربوية والتكوينية المغربية ولمدخلاتها ومخرجاتها وسياقيها وسيرورتها، وماهية المؤسسة التعليمية وما يجب أن يؤسس لمدرسة مواطنة نشيطة وجديدة وسبل تحفيز العنصر البشري تكوينا وأداء وحضورا في المشهد التعليمي.
وانطلاقا من تلك الأنظمة التي اعتمدها البنك الدولي في الحكم على أداء الدول التعليمي؛ تنبثق أسئلة جوهرية وأساسية، تعرب عن نفسها في الصيغ التالية:
· هل المنظومة التربوية والتكوينية المغربية لا تمتلك تلك الأنظمة؟ ولماذا؟
· وفي حالة السلب؛ هل تفعلها منظومتنا بما يؤدي إلى تحسين وتجويد الأداء التعليمي؟
· وما السبيل إلى الخروج بهذه الأنظمة كآليات عملية لها دورها الفاعل والمركزي في تحسين أداء المنظومة التربوية والتكوينية إلى التطبيق الميداني الضامن لفعاليتها والسامح لها بلعب دورها في التحفيز والتطوير والتجويد؟
للجواب عن هذه الأسئلة الصريحة وشقيقتها الضمنية سنقف على بعض المداخل النظرية والتطبيقية في الأطر الأدبية والقانونية المؤسسة للفكر والممارسة التربويين بالمغرب؛ خاصة منها الميثاق الوطني للتربية والتكوين والتشريعات المدرسية المعمول بها في النظام التعليمي. والأخذ بهذه المداخل لا يعني إلغاء الباقي أو الانتقائية التجزيئية، وإنما اختيار المناسب الذي يسير والغاية من هذه الورقة.
1 ـ نظام التقييم:
النظرة السريعة إلى المناطق الأدبية للفكر التربوي والتعليمي والتكويني الرسمي متمثلة أساسا بالميثاق الوطني للتربية والتكوين، تفيد وجود هذه الأنظمة وبوضوح؛ حيث نقف بخصوص نظام التقييم على المواد التالية[3]:
ـ المادة 137: يعتمد في ترقية أعضاء هيئة التربية والتكوين ومكافأتهم على مبدإ المردودية التربوية كما يلي:
أ ـ على مستوى التعليم العالي، تقوم الجامعات بوضع معايير التقويم وطرقه؛
ب ـ بالنسبة لمستويات التعليم الأخرى يتم الاعتماد على المبادئ التالية:
ـ إقرار نظام حقيقي للحفز والترقية، يعتمد معايير دقيقة وشفافة وذات مصداقية، يتم ضبطها مع الفرقاء الاجتماعيين المعنيين بذلك، على أساس اعتماد التقويم التربوي من لدن المشرفين التربويين واستشارة مجلس تدبير المؤسسة، المحدث بموجب المادة 149ب من الميثاق؛
ـ احتساب نتائج المعنيين بالأمر في دورات التكوين المستمر التي استفادوا منها وكذا إبداعاتهم المرتبطة مباشرة بالتدريس أو بالأنشطة المدرسية الموازية.
وهذا التقييم والتقويم يعني فقط تقويم الأطر التربوية بعيدا عن تقويم المنظومة كلها بما فيها تقويم أداء المتعلمين بما يعني تقويم المردودية الداخلية والخارجية للنظام التعليمي. حيث الناظر فيه يقف بكل صراحة على أن الميثاق يريد تأسيس وترسيخ نظام تقويم مبني على المردودية التربوية وفق معايير دقيقة وحساسة وشفافة وذات مصداقية؛ بما يفيد طلاق المعايير التقليدية الراسخة في واقع التقويم التي تكتنفها الذاتية وأحكام قيمة مطلقة تفتقد المؤشرات العلمية. وهذا ما سعت إليه وزارة تحديث القطاعات العمومية حين أصدرت مرسوما بتغيير طريقة التقويم من أجل الترقية؛ لكن في غياب استحضارها للميثاق الوطني للتربية والتكوين وقراءته جيدا لتخرج قانونا للترقية في المجال التعليمي دون التعميم من مبدأ الوظيفة العمومية التي تستغرق جميع القطاعات ولا تراعي الخصوصيات والفوارق بين القطاعات العامة، حيث غيبت في ضبط هذه المعايير استشارة الفرقاء الاجتماعيين المعنيين بالأمر لأن لهم رؤيتهم الخاصة في معايير ترقيتهم ولهم كلمتهم الخاصة من منطق إشراك الجميع في تحمل أعباء تدبير الشأن العام التعليمي. كما أنها لم تستحضر الجهة المعنية بالتقويم في المنظومة التربوية واستشارة مجلس التدبير، الذي لم تترجم الأجرأة دوره وفق منطوق وروح الميثاق، ولم تمكنه إجرائيا من ممارسة هذه الاستشارة ضمن اختصاصاته عندما سهت الأجرأة تضمين هذا الدور في اختصاصات المجلس؟! بما جعله واقعيا وقانونيا ليس ذي صفة وفق اختصاصاته الحالية. ومن هنا يتبين بالملموس أن الأجرأة الفعلية للميثاق الوطني للتربية والتكوين على أرض واقع المنظومة التربوية والتكوينية لم تقرأ جيدا هذا الميثاق ، الشيء الذي أدى إلى فشل الإصلاح في منحى التقويم الموضوعي للنظام التربوي عامة والقوادر التعليمية خاصة، وهو الشيء نفسه الذي نبهت إليه في العديد من بحوثي ودراساتي كما نبهت إليه دراسات وبحوث العديد من الباحثين الزملاء؛ بل الشيء الذي نبهت إليه العديد من التنظيمات والأطر المهنية والنقابية والسياسية منذ انطلاق عشرية الإصلاح.
فالمردودية التربوية لابد لها من مؤشرات إحصائية كمية ونوعية تبين عن كثب ناتج أداء الأطر التربوية في موازاة تقييم وتقويم المكونات الأخرى لكي تقرأ المردودية التربوية للأطر التدريس في سياقها العام حتى لا تتحمل هذه الأطر تبعات المكونات الأخرى. والمردودية التربوية لهذه الفئة يجب التعاطي معها ضمن اختصاصاتها وواجباتها بموازاة حقوقها. لهذا في ظل المعطى الواقعي والحالي للتقويم الذي يجب أن يسعى إلى تطوير قدرات المدرس وإلى رفع كفاءاته و إلى تحسين أدائه الصفي. سواء تعلق المعطى الواقعي بمستوى التشريع أو بمستوى الممارسة النظرية أو الميدانية نجد جملة من الاختلالات والمشاكل المعوقة لمهامه والكابحة لفاعليته. الهدف الذي تغيته المستجدات التربوية المؤجرأة للميثاق بالإصلاح والمعالجة. فهي متغيرات جاءت في إطار شراكة بين الوزارة ومجموعة من التنظيمات المهنية من نقابات وجمعيات.
فواقع التقويم المهني للأطر التدريس يعرب عن عدة معوقات تحول دون تحقيق غاياته، وتحد من تدخلاته ومنها على سبيل المثال:
ـ غياب قانون واضح وصارم يحدد طبيعة العلاقة بين المفتش التربوي والمدرس فيما يخص الواجبات والحقوق والأخلاق المهنية المؤطرة للعلاقة مقابل وجود قانون ينحو نحو الشمول والكلام العام في شأن هذه العلاقة ذلك أن المواد 4 و8 مكرر مرتين و10 من مرسوم 2003 الخاص بالقانون الأساسي لموظفي وزارة التربية الوطنية يفيد هذا الكلام العام بقوله: " يقوم المفتشون التربويون بالتأطير والإشراف والمراقبة التربوية … "[4]؛ الشيء الذي أضحى يحتوي كل مضمون التأطير والإشراف والمراقبة التربوية الأدبي وفق منظور علوم التربية والعلوم الأخرى. في حين يجب تحديد مضمون وتفاصيل وتمفصلات التأطير والإشراف والمراقبة التربوية بما لا يترك للتفسير أو التأويل مجالا أو يترك المجال فضفاضا لكل الممارسات التي قد تضفي على نفسها طابع التأطير أو الإشراف أو المراقبة التربوية. فمثلا يفيد الإشراف التربوي أدبيا الخدمات المهنية والعمليات المختلفة والمتنوعة التي يقدمها المفتش التربوي قصد مساعدة أطر التدريس على النمو والتطور المهنيين، مما يؤدي إلى بلوغ الأهداف والغايات التربوية والتكوينية. وهو بمفهومه العام هذا يدخل في ما اصطلح عليه: " ما من شأنه يطور أداء الأستاذ ". وهو مفهوم شامل لا يحدد بدقة نوعية وكمية هذه الخدمات والعمليات وزمانها ومكانها وصيغتها، وهكذا مع التأطير والمراقبة التربوية.
ـ في ظل تعليمنا الحالي الذي يظل في عمقه تعليما تقليديا رغم التحسينات التي دخلت عليه في الشكل وفي المرجعية الأدبية. يقع تقويم أطر التدريس فيه موقع التهميش! لأن أغلب قرارات التفتيش لا تجد لها صدى في مستوى الوزارة والجهة والإقليم، بما يعني عدم تفعيل مضامين التوجيهات والإرشادات التربوية المضمنة في تقارير التقويم المنجزة من جهة أولى ومن جهة ثانية عدم تفعيل الملاحظات المضمنة فيها بتلافيها. ذلك أن الوزارة حذفت تقويم أطر التدريس من كثير من المواضيع المهنية لهذه الأطر؛ مثلا الحركة الانتقالية والترقية غير أنها لما وقفت عمليا وميدانيا على آثار هذا الحذف السلبية على ناتج التعلم راحت إلى إعادة الاعتبار لهذا التقويم في منحى النقطة فقط ، الشيء الذي يقلص تقرير التقويم كله في النقطة ويختزله بل يسطحه ويبسطه. والدليل على عدم تفعيل مضامين تقارير التقويم أن بعضها يشير إلى الهفوات والاختلالات التي توجد في الكتب المدرسية أو في البنية التحتية للمؤسسات التعليمية أو في المنهجيات التدريسية أو في الأدوات والوسائل والمعينات التعليمية أو في مدخلات العملية التعليمية أو في سيرورتها أو في ناتجها ومخرجاتها؛ لكن لا تجد تدخلا حاسما ومصححا إلا ما نذر وشذ عن القاعدة. وها هي الكتب المدرسية لم تصحح أخطاؤها بعد!؟
وبهذا التهميش لقرارات التفتيش التربوي تغيب الأنا الإيبستيمية عن تعليمنا لتحل محلها الأنا الأداتية التي تعتبر المفتش التربوي والمدرس خلا وسائط تعليمية لا دخل لها في شأن تدبير الفعل التعليمي إلا بما يوجب تفعيل القرارات الفوقية. كما أنها تنفي عن المفتش التربوي عقلية الباحث العلمي التربوي على حد قول أستاذنا المرحوم محمد الإمام الفكيكي[5]، التي تلعب دورا هاما في تطوير الحقل التربوي من مدخل التفتيش التربوي لأنها تكسب المفتش التربوي " نظرة جديدة إلى شئون التربية قوامها الاقتناع والإقناع بحريتها وديناميتها وبعدم إمكانية الحديث بصددها سوى عن حقائق نسبية. وفي تخفيف من العقلية الوثوقية والدغمائية التي لازالت تسيطر في الساحة التربوية مكرسة لجملة من المعضلات التي يعاني منها الإشراف التربوي … ويجب أن نؤكد هنا، وبموجب الصفة القيادية التربوية الموكولة إلى المشرف، بأن هذه العقلية الجديدة سوف تنعكس بالضرورة على العملية التربوية داخل القسم سواء تعلق الأمر بالمعلم أو بالتلاميذ "[6] .
فالتقويم في هذا المنحى له دلالة إيبستيمية ونقدية وتصحيحية واستباقية في استشعار مكامن الخطأ والصواب في الفعل التدريسي، ويمكن من التدخل في الوقت المناسب. وعليه فتهميشه تهميش لقضايا حيوية وجوهرية في واقع الممارسة الميدانية للتدريس، لها موقعها في بناء وإصلاح وتطوير المنظومة التربوية والتكوينية.
ـ نتيجة القدسية التي وطنت ذاتها في الفكر التربوي الرسمي لما يصدر من الوزارة من رسميات تربوية أو تشريعية أضحت ممارسة التقويم تقبع في تقديس المقدس في تجلياته المختلفة: البرامج والقرارات الفوقية والكتب المدرسية والمنهجيات والتوجيهات الرسمية ولو كانت تحمل من الاختلالات ما تحمل!؟ مما ينعكس ذلك على التفتيش التربوي سلبا في أدائه التقويمي. وهي بذلك تختزل عمل المفتش التربوي في تتبع الرسميات وتفرغه من البعد النقدي في كثير من الأحيان بل تطلب منه صراحة أو ضمنا أن يكون لسان الوزارة اللاهج بمديحها والمروج لحسناتها ونجاحاتها دون إخفاقاتها. ومن ثم غدت " أبرز المشاكل التي يعاني منها واقع المراقبة التربوية الإشرافية غياب الهدفية المتمثل في ركون عملية المراقبة إلى الانكباب على الشكل دون الجوهر أي على الطرائق دون الأهداف "[7]. غير أن هذه القدسية لا تسري إلا على الممارسة غير الواعية بدورها الحيوي في تكسير المقدس واقتحامه بالأدوات العلمية للتعرية عن كنهه الهش. وتجد في الممارسة الواعية المبنية على الفكر العلمي النقدي مشرطا لذاتها يستأصل منها الأورام التربوية التي تسرطن الذات التربوية. وبذلك فالتفتيش التربوي يجب أن يقف سدا منيعا أمام تقديس الرسميات واعتبارها سوى مداخل موجهة قائمة على أعمال واقتراحات إنسانية قابلة للنسبية في النجاح والفشل، وفي الصواب والخطأ. فمثلا: قدسية المداخل الديداكتيكية للتدريس الرسمي لا يمكن قربها بالنقد والتصحيح إلا في الأدبيات التربوية عبر البحوث والدراسات التي لا تجد صدى لها في واقع الرسميات؟! وإنما تظل عليها الرسميات حتى يحكم عليها الرسميون بالفشل فحينئذ تزال عنها القدسية. وليكن مثالنا واضحا في المدخل الديداكتيكي المتمثل في لتدريس بالأهداف؛ حيث ظل لعقود قائما في تعليمنا رغم الدراسات التي بينت بعض عيوبه وقصوره في مناح كثيرة، لكن لم تزل عنه القدسية إلا عندما أزالها الرسميون في ظل عشرية الإصلاح؟! وبقيت مع رفع القدسية أسئلة كثيرة منها:
ـ هل استنفذ التعليم المغربي بيداغوجيا الأهداف؟
ـ ما الإضافة النوعية التي أضافها الانتقال من بيداغوجيا الأهداف إلى المقاربة بالكفايات؟
ـ لماذا لم تحقق المقاربة بالكفايات أهدافها التي أعلنت عنها الوزارة رغم ما روج لها إعلاميا وتربويا من أحقيتها كمدخل ديداكتيكي للتدريس المغربي؟
ـ لماذا تضفي الوزارة على رسمياتها كل هذه القدسية وتخنق بها الاجتهاد والإبداع؟
فالتفتيش التربوي من خلال وظيفته يجب أن يرفع اللبس والغموض الذي يعتري الكثير من الرسميات بما فيها المفاهيم والنظريات والطرق والمضامين وغيرها، حيث يقتضي المنطق التربوي " التعامل مع التوجيهات الرسمية من منظور اختبار مدى صلاحيتها للتفاعل الإيجابي مع الواقع التربوي " [8]. بل المفهوم الجديد للتفتيش التربوي يبلور البعد النقدي في هذه الوظيفة ويقتضي التعاطي مع الرسميات بمنطق التجريب بما يفيد إمكانية الخطأ والصواب فيها بدل التعاطي بمنطق النموذجية والمعيارية والمثالية. ولعل تعاطي الوزارة مع كتبها المدرسية المقررة يفيد المثالية في التأليف، الشيء الذي يمرر الأخطاء لعلمية والمنهجية!؟ ففي فرنسا مثلا يجد التفتيش التربوي دوره الحيوي في نقد الممارسة التعليمية ويؤخذ باقتراحاته وتوجيهاته في تصحيح الأوضاع[9]. فليس دور التفتيش التربوي هو التصفيق و القول ب " العام زين " بل التعرية عن حفريات التعليم المغربي.
ـ تعطيل أو عرقلة دور التفتيش التربوي في التقويم من خلال تعطيل أو عرقلة كل ما من شأنه خدمة هذا الجهاز من وسائل ومعينات وظروف مناسبة وآليات وأجهزة ومتطلبات وغيرها. ذلك أن جهاز التفتيش لا يجد في واقع الممارسة إلا ما يحبط عزيمته ويهدر حقوقه وينسف وظيفته. فواقع معيشه اليومي ينبئ عن مجموعة من المضايقات المتنوعة التي تحد من فاعلية الجهاز في التقويم وتترك الساحة التعليمية لفوضى الارتجال والتخبط ، التي تعقّد المشهد الواقعي للتربية والتكوين عمليا. فأغلب الظروف التي يشتغل فيها التفتيش التربوي محبطة! ذلك أن أغلبيته تعاني من نقص في وسائل التنقل والوسائل المكتبية والوسائط الإلكترونية والمراجع العلمية فضلا عن غياب مراكز للبحث العلمي التربوي بجانب غياب ميزانيات لهذا البحث بل عدم تأطيره بقوانين وتشريعات مؤسسة ومنظمة ومفعلة.
فالفضاءات التي يعمل فيها جهاز التقويم التربوي أغلبها لا ترقى إلى توفير الراحة والخدمات الأساسية المساعدة على التفكير والإبداں فهي في أحسن الحالات وفق مقترحات المذكرة 114 عبارة أن أقسام أم مكاتب ضيقة يحشر فيها المفتشين حشرا، والقليل منها هو الذي يتوفر على الأجهزة والتجهيزات المناسبة. في المقابل هنا وبكل صراحة أن بعض الجهات الرسمية جهويا وفرت قاعات في المستوى المطلوب لكن بعض الإخوة المفتشين لم يتحملوا مسؤولية تفعيل تلك الفضاءات نحو التقويم في بعده التطوري والإبداعي بما يرسخ بعض الاختلالات في وظيفة جهاز التفتيش، وهي اختلالات تنبع نتيجة توطين بعض الامتيازات الشخصية التي لا تبرر بالمطلق الجمود في الميدان، في حين شهد التعليم في العالم وفي المغرب إلى تطورات لا تنكر على الأقل في المستوى النظري، حيث لم تعد معه وظيفة التفتيش التربوي هي الوقوف على السلبيات وتسجيلها والمؤاخذة عليها بقدر ما أصبحت تلك الوظيفة تتطلب التدخل بالاقتراحات العملية المبنية على الأطر النظرية والحاملة للإبداع بما يعالج تلك السلبيات ويتجاوزها إلى التحسين والتطوير والجودة.
كما أن التعطيل وعرقلة دور جهاز التفتيش ينتج في بعض الأحيان عن التوجيهات الإدارية التي تجد آذانا صاغية مع بعض المفتشين التربويين لأسباب عديدة، منها ضعف الشخصية والارتباطات المنفعية البراغماتية أو الإيديولوجية أو السياسية أو النقابية أو الجمعوية أو الإثنية … الشيء الذي يكرس سيطرة الإداري على التربوي في بعد قمع التطور والتجدد والإبداع والاستقلالية الوظيفية للتفتيش التربوي! وواقع التفتيش يحتفظ بالشيء الكثير من تدخل الإدارة في عمل جهاز التفتيش؛ مما خلق ويخلق سلبيات في أداء هذا الجهاز خاصة في منحى التقويم. وهنا استحضر واقعة عشتها شخصيا مع أحد نواب الوزارة انبثقت من تضميني لتقرير التفتيش سلبيات راجعة إلى كثرة غياب أحد الأطر النقابية عن الفصل الدراسي؛ مما أوقع خلالا في الزمن المدرسي للمتعلم. فاقترحت على الإدارة بعد إثبات تلك السلبيات وبيان عائدها على ناتج التعلم أن يفرغ الإطار النقابي لعمله النقابي أو نقله إلى مصلحة إدارية لا يكون لتغيباته الأثر القوي كما هو على المتعلمين. فراسلني رسميا السيد النائب حول التقرير ورآه خارجا عن مهمتي! فأجبته بأن ذلك داخل في صميم وعمق ممارستي ومهمتي المنوطة بي قانونيا. وبينت له أني أمارس التفتيش الشامل الذي يقف على السلبيات كما الإيجابيات، وعلى الإدارة استثمار تقارير التفتيش بما يصحح الوضعية التعليمية. وانتهى الأمر عند هذا الحد لأن السيد المسئول تيقن بأن توجيهه لن يجد صدى لدى تقاريري لأن التقرير هو حالة واقعية مؤسسة لحالة مستقبلية متجاوزة لسلبيات حالتها المؤسسة ومستثمرة لإيجابياتها ومطورة لذاتها نحو الأفضل والأفعل والأقوى.
ـ غياب أدوات علمية مختلفة كاشفة وصادقة وحساسة وموضوعية في تقويم أطر التدريس متفق عليها ضمن استراتيجية واضحة ومحددة سلفا ينعكس سلبا على التقويم الحالي الذي يعتمد بصفة شبه كلية على الوصف والملاحظة دون تحديد مفاصيل وتفاصيل التقويم بدقة تحت بنود متعاقد عليها تخدم الفعل التعليمي، مخالفا بذلك التطورات الجديدة في قطاع التفتيش التربوي وأدبياته المستجدة. حيث يمكن الاستفادة من أنواع التفتيش التربوي واتجاهاته الحديثة في تقويم أطر التدريس ولمنظومة التربوية والتكوينية عامة. فتقويم المدرسين يعني من بين ما يعني " عملية تقدير خطة أو مردود أو فعالية أو كفاءة المدرس قصد تمكينه من امتيازات معينة، أو ترشيد عمله، أو تعرف كيفية تنفيذه للخطط والمناهج، أو استدراك تكوينه وتعميقه "[10] ، وهو يقوم من بين ما يقوم عليه " على إجراءات هي: 1 ـ تحديد موضوع التقويم 2ـ بناء أداة التقويم أو انتقاؤها 3ـ تنفيذ عملية التقويم بطرق الملاحظة أو المقابلة أو الاستجواب 4 ـ تحليل المعلومات ومعالجتها 5ـ اتخاذ قرارات حسب الأهداف المرومة من عملية التقويم "[11].
وغياب الأدوات العلمية المتنوعة والمختلفة التي تعتمد الأساليب والطرق العلمية في تحصيل المعلومات والمؤشرات وتحويلها إلى ناتج كمي ونوعي مؤشر عن المردودية التعليمية لأداء أطر التدريس عبر مداخل متنوعة؛ تطغى أحكام القيمة على تقارير التفتيش التربوي دون أن تبررها بمنطوق قياسي واضح وجلي لا يترك للتأويل فرصة للرفض أو الطعن. فلو كانت هناك أدوات للقياس متفق عليها ومؤسسة بالقانون ومحددة لبنود التقويم القائمة على أدوار أطر التدريس وما يجب عليهم وما لهم، لما وجدنا في الساحة التعليمية تلك الشكوى في حق جهاز التفتيش أو الإدارة التربوية بعدا عن الشكوى غير الموضوعية لبعض الحالات المرضية. ففي ظل هذا الغياب تأسست ثقافة الامتياز حق مستحق مسبقا ومكتسب ولو في غير محله، وبالتالي لا معنى للتقويم في ظل هذه الثقافة التي يكرسها بعض المفتشين التربويين.
وجهاز التفتيش التربوي واع كذات عارفة بأهمية أدوات التقويم، وواع بضرورة تقنينها تشريعيا وماديا من خلال قوانين وشبكات وخطوات منهجية في التقويم من أجل تطوير خدماته أولا، وثانيا من أجل تطوير خدمات أطر التدريس في تجاه تحقيق الإضافة النوعية لقطاع التربية والتكوين في بلادنا. غير أن الفكر الإداري البيروقراطي تكلس على النظام التعليمي الرسمي وساد عليه مقابل الفكر الناقد الإبداعي والفني التقني المبعد عمدا وقسرا عن النظام التعليمي الرسمي. الشيء الذي يحد من فاعلية جميع المتدخلين الميدانيين من أطر تدريس وإدارة تربوية ومجتمع مدني! وواقع المؤسسة التعليمية يشي بذلك كل صباح ومساء.
ـ غياب الرؤية الموحدة لجهاز التفتيش التربوي وباقي أطر التفتيش الأخرى خلق تضاربا في الساحة الميدانية التعليمية بين المفتشين فيما يخص تحديد وجهة التقويم ومسارها وأدواتها، حيث يفتقد جهاز التفتيش التربوي لذاكرة قانونية وتشريعية مكتوبة وموثقة بما يسمى تاريخ التفتيش لتربوي المغربي. وهنا نتحدث عن هذه الذاكرة كذاكرة مؤسساتية بعيدا عن تلك المبادرات الفردية التي وثقت بعض الحقب التاريخية من هذه الذاكرة. وهذه الذاكرة يجب أن تكون مادة مستقلة تدرس للطلبة المفتشين للوقوف على المحطات التاريخية ونوعية تطوراتها أو سلبياتها لاستثمارها في بناء مستقبل هذا الجهاز.
فمن مظاهر هذا الغياب عدم توحيد نقطة التفتيش بين الأسلاك التعليمية مما يخلق تمايزا بينها بما يؤدي إلى التمايز بين أطر هذه الأسلاك، وبما يضرب وحدتها ويفتتها بل يفتح ساحتها على الاجتهادات والاجتهادات المضادة. وهو الشيء الذي يقع بين أعضاء جهاز التفتيش التربوي في ممارسة لتقويم! في حين لو كان للوزارة ذاكرة في مجاله ومواصفات محددة ومعينة ومصرح بها في مركز تكوين المفتشين تحدد المعالم الكبرى لسحنة المفتش التربوي وماهيته لما وجدنا هذه الاختلافات الكبيرة في هذا الجهاز وفي نظرة الآخر له؛ وإن كانت هذه الاختلافات صحية في أغلب الأوقات فهي في بعضها تصبح مرضا عضالا يكرس الافتراق والخلاف والتعدد السلبي في الموقف الواحد. ومنه يجب التفكير بجدية في خلق مادة التأريخ لذاكرة التفتيش مع إيجاد دليل التفتيش التربوي.
فبعض القضايا التي تشكل مداخل أساسية لتفعيل جهاز التفتيش التربوي في النظام التعليمي المغربي، والتي أجمعت عليها لأدبيات التربوية العالمية تجد المفتشين التربويين المغاربة يفترقون حولها بمنطق تنوع مشاربهم السياسية والإيديولوجية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية وقناعاتهم الميدانية والعملية. وهو الشيء الناجم عن عدم وجود سحنة للمفتش التربوي رسميا. فمثلا: مجرد الجواب عن سؤال: كيف تريد وزارة التربية الوطنية المفتش التربوي أن يكون كمؤسسة؟ يعطيك تباينات كبيرة تقع على طرفي نقيض! وأنا هنا أستبعد من تلك الإجابات إجابات لوبيات الوزارة التي تريد إبادة جهاز التفتيش التربوي في الحد الأعلى، وفي الحد الأدنى تريده مدجنا وتابعا ومن مكونات الفرقة الموسيقية العازفة على وتر " العام زين وكل عام زين " وإن كان واقع التعليم يستدعي ويستوجب الإفتاء ( في سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات )[12]؛ فالتفتيش التربوي عليه من وجهة نظرهم أن يقول ليس لدينا سبع عجاف ولا سبع يابسات!؟ ومن هنا وجود إطار نظري أدبي وتشريعي يوحد إطار جهاز التفتيش في مستوى البناء العلمي والثقافي للمفتش التربوي، وفي مستوى أدواته وانشغالاته المهنية فضلا عن باقي مكونات بنيته المؤسساتية.
ومن هذه الاختلالات وغيرها سعت الوزارة في عشرية الإصلاح والتجديد وتحت ضغط نضال جهاز التفتيش إلى ترميم هذا الجهاز وترقيعه وفق ما فهمته هي من الميثاق الوطني للتربية والتكوين ووفق ما يخدمها هي كإدارة وليس ما يخدم النظام التعليمي! فتحت وقع البرنامج النضالي الذي ساقه جهاز التفتيش في إطار نقابة مفتشي التعليم المستقلة؛ قامت وزارة التربية الوطنية بالالتفات إليه من خلال توظيف السياسي والنقابي لصالح تفسيراتها لبنود الميثاق الوطني للتربية والتكوين. وفي ظل الفكر السياسي الزئبقي الذي لا يعترف إلا بأذرعه النقابية المساعدة والضاربة، وحتى لا تعترف السياسة السياسوية بالنقابة الحديثة للمفتشين جلبت لجنة عشرية ضمت فيما ضمت منظمات مهنية ما كانت تعترف بها في سابق عهدها لما كانت تريد المسكينة النضال باسم هذا الجهاز، لكن عند الحاجة وظفتها من أجل إسقاط أهم مدخل لتفعيل جهاز التفتيش وهو الاستقلالية الوظيفية ولتمرير الإمساك به من قبل الإدارة لكي تلجمه وتتحكم به بل وتسوف عليه حقوقه حين ينتقدها. وعبر هذه اللجنة العشرية أخرجت الوثيقة الإطار وبناتها الإجرائية التي ترجمتها إلى تشريعات وقوانين، تبقى مهما نقدناها أرضية للتأسيس يمكن الانطلاق منها نحو تطويرها وإغنائها. ويبقى النضال مفتوحا على أهم مدخل فيها وهو الاستقلالية الوظيفية.
هذا التشريع والتقنين المستحدث تم تحت سقف السياسي وسيطرته على الفني والتقني التخصصي، ومنه حمل من الثغرات ما حمل. فلو تم تحت الفني والتقني التخصصي لما حمل كل هذه الثغرات التشريعية والمهنية والموضوعية[13]. فالمذكرات الإجرائية ( 113 ـ 114 ـ 115 ـ 116 ـ 117 ـ 118 ) للوثيقة الإطار لم تترجم روح الميثاق الوطني للتربية والتكوين ولم تحقق طموحات جهاز التفتيش في التفعيل بما يضمن له الاستقلالية الوظيفية ومن ثمة الاستقلالية في اتخاذ القرارات وتفعيلها، من مبدأ تأسيس جهاز تقويم قوي مهنيا. فأصبحت المأسسة بهذه المذكرات قاصرة في شكلها ومضمونها عن التعبير عن روح الميثاق، الذي يركز على تأهيل جهاز التفتيش تأهيلا متينا ويضمن استقلاليته في الفقرة باء من المادة 135 التي تنص على " تقوم السلطة المشرفة على قطاع التربية والتكوين، تطبيقا لمقتضيات هذا الميثاق، بإعادة هيكلة هيئة المشرفين التربويين وتنظيمها وذلك:
ـ بتدقيق معايير الالتحاق بمراكز التكوين ومعايير التخرج منها؛
ـ بتعزيز التكوين الأساسي وتنظيم دورات التكوين المستمر لجعلهم أقدر على المستلزمات المعرفية والكفايات البيداغوجية والتواصلية التي تتطلبها مهامهم؛
ـ بتنظيم عملهم بشكل مرن، يضمن الاستقلالية الضرورية لممارسة التقويم الفعال والسريع، وإقرار أسلوب توزيع الأعمال والاختصاصات على أسس شفافة ومعايير واضحة ومعلنة؛
ـ بتجديد العلاقة مع المدرسين لجعلها أقرب إلى الإشراف والتأطير التعاوني والتواصلي "[14] . الشيء لا تفصح عنه بتفاصيل عنه تلك المذكرات، فهي تغيت تنظيم جهاز التفتيش في ذاته سواء على مستوى الشكل أو على مستوى المضمون، لكن لم تحقق النقلة النوعية المنشودة لهذا الجهاز بما يضيف للتعليم المغربي نقلة نوعيه بل أدخلته في دوامة من التماطل في تطبيق تنظيمه وإعادة تنظيمه، مما خلق في الميدان تفاوت كبير بين الجهات والأقاليم وداخل الجهات نفسها! منعكسا على واقع الممارسة الإشرافية سلبا.
أما تنظيم جهاز التفتيش في إطار علاقاته الخارجية مع باقي مكونات المنظومة التربوية والتكوينية فلم يجد تفصيلا في تلك المذكرات؟ خاصة بما يجدد " العلاقة مع المدرسين لجعلها أقرب إلى الإشراف والتأطير التعاوني والتواصلي "[15] بل نجد ما يقبر هذا التجدد من قبل الوزارة التي أصدرت في سابق عهدها القريب توجيهات وتشريعات تحد من الندوات التربوية والدروس التجريبية من قبيل إجرائها خارج أوقات الدراسة الرسمية! ثم تراجعت عن توجيهاتها بصورة محتشمة ولم تقنن بوضوح برمجة لها ولغيرها من الأنشطة الداعمة في إطار التكوين المستمر وفق رزنامة معينة. وأعتقد أن الفراغ التشريعي يؤدي إلى فراغ مهني وإلى ارتجال وتخبط وتيهان. فمثلا المذكرة رقم 114 بتاريخ 21/09/2004 موضوع تنظيم التفتيش التربوي للتعليم الابتدائي تقرر التالي في مهام هيئة التفتيش على المستوى الإقليمي:
" تقوم هيئة التفتيش التربوي للتعليم الابتدائي، بمهام التأطير والمراقبة والتتبع والتقويم والتنشيط التربوي تنسيق الوحدات الدراسية، باعتبار هذه المهام من أدوات استكشاف واقع السيرورة التعليمية، ومن وسائل توفير شروط تحسين الجودة، وذلك بمؤسسات التعليم الابتدائي، في مناطق للتفتيش توزع بين المفتشات والمفتشين العاملين بالنيابة الإقليمية بشكل مرن ولفترة زمنية لا تتجاوز أربع سنوات، خدمة لمبدأي التداول والتجديد. وتتحدد هذه المهام على النحو التالي:
1- التأطيـر التربـوي:
à تأطير الأساتذة العاملين بالتعليم الابتدائي العمومي والخصوصي، والمربيات والمربين العاملين بالتعليم الأولي؛
à المساهمة في تأطير المكلفين بمهام الإدارة التربوية وفي الإشراف على بحوث الجدد منهم؛
à المساهمة في تأطير الطلبة المفتشين المتدربين ميدانيا؛
à المساهمة في تأطير الطلبة الأساتذة بمراكز التكوين؛
à تأطير منشطات ومنشطي التربية غير النظامية ومحو الأمية؛
à المساهمة في تأطير أطر الدعم التربوي المكلفين بمراكز التوثيق والمكتبات المدرسية الابتدائية.
2- المراقبـة والتتبـع والتقويـم:
يقوم مفتشو ومفتشات التعليم الابتدائي بتتبع ومراقبة وتقويم:
à عمل الأساتذة العاملين بالتعليم الابتدائي العمومي والخصوصي والمربيات والمربين العاملين بالتعليم الأولي؛
à عمل أطر الدعم التربوي المكلفين بمراكز التوثيق والمكتبات المدرسية الابتدائية؛
à عمل منشطات ومنشطي التربية غير النظامية؛
à تنفيذ البرامج والمناهج الدراسية واستعمال الكتب المدرسية؛
à تنفيذ المشاريع التربوية للمؤسسات التعليمية الابتدائية؛
à جداول الحصص الخاصة بالأساتذة وفق التوجيهات الرسمية في الموضوں
à عمليات الدخول المدرسي، وسير إيقاعات التعلم.
3- التنشيـط التربوي:
تقوم هيئة التفتيش بالتعليم الابتدائي بتنشيط:
à الدروس التطبيقية والندوات التربوية الهادفة إلى الرفع من أداء الأساتذة وتحسين مردوديتهم؛
à البحوث الميدانية والأنشطة التربوية والاجتماعية والفنية الهادفة إلى ربط التعليم والتربية ببيئة التلميذات والتلاميذ وحفزهـم على الانخراط في الحياة المدرسية؛
à البرامج المحلية الموجهة في إطار الدعم الدراسي والتربوي إلى تلميذات وتلاميذ المدرسة.
4- تنسيـق الوحدات الدراسية:
يقوم المفتشون(ات) المكلفون(ات) بمهام تنسيق الوحدات الدراسية، بالإضافة إلى المهام المسندة إليهم(هن)، بما يلي:
à توحيد أساليب العمل علـى مستوى تخطيط عملية تدريس الوحدات الدراسية؛
à استثمار التقارير المنجزة حول كل وحدة دراسية على المستوى الإقليمي؛
à اقتراح برامج للتكوين في مجال الوحدات استنادا إلى ما تم استثماره من تقارير واستطلاعات حاجات الأساتذة في التكوين؛
à المشاركة في إعداد الامتحانات التربوية والمهنية وتتبع تنفيذها وتقويمها. "[16]
وهنا يسجل على مستوى المراقبة والتتبع والتقويم غياب تفاصيل تلك المهام المحددة بجانب تفاصيل المهام الأخرى؛ بما يترك مجالا واسعا للاجتهادات الفردية دون التنظيم المؤسساتي لهذه المهام. وليس غريبا في ظل هذه الوضعية أن نجد بعض الاجتهادات الخاطئة وبعض التجاوزات المهنية التي تبرر نفسها بالتفسير الخاطئ للمهام تقليصا أو توسيعا. ولكي نتجاوز الحالة الفردية في التفتيش التربوي إلى الحالة المؤسساتية يجب إصدار تشريعات وقوانين ومذكرات تفسيرية وتوضيحية ونظامية لمجمل المهام الواردة في المذكرات التنظيمية للتفتيش، حيث لا تترك للاجتهاد منفذا خاصة في ظل عودة الاعتبار لنقطة التفتيش في العديد من الامتيازات المهنية. بل تضمن حقوق المقوَّم والمقوِّم وحقوق المتعلم والنظام التعليمي ككل. وبما أن المغرب له تاريخ طويل وعريق في التفتيش التربوي كان عليه أن يكون هذا الجهاز ممأسسا ومهيكلا بصفة جيدة ومتقدما في أدواره المختلفة، بل كان عليه أن يلعب أدوارا استباقية في استشراف الاختلالات في نظامنا التعليمي. وهذا الاستشراف يتطلب الشيء الكثير من الاعتبار والشروط والظروف. وهي في واقعه مفقودة بنسب عالية غير مشجعة. فرغم أن التفتيش التربوي مهيكل على الصعيد المركزي والجهوي والإقليمي ضمن نسبة عالية، فإن الوزارة لم تستثمر بعد تقاريره لصالح الفعل التعليمي المغربي، ولم تغير به من واقع المنظومة التربوية والتكوينية إلا النزر القليل وفي حدود ضيقة جدا، حيث مجهوداته تضيع في نصف الطريق.
فتقرير البنك الدولي حين اعتبر أحد مداخل الأداء الأفضل هو التقييم الأفضل، فإنه لم يجانب الموضوعية والصواب في الحالة المغربية عندما نفى عنها الترتيب في مجموعة الدول الأفضل أداء. الشيء الذي يتطلب مزيدا من تعميق النقاش في التقويم والتقييم في بعد التفتيش التربوي، وطرح سيناريوهات التصحيح والتطوير على مستوى الاختيار والتكوين والوظيفة والأداء، وعلى مستوى شروط ومستلزمات ومتطلبات الأداء. فالتفتيش التربوي لبنة أساسية في تصحيح مسار التعليم المغربي سواء اعترفنا بذلك أم لم نعترف، لأن ذلك ديدان الوزارة باعتبار " ما تضطلع به [ هيئات التفتيش ] من أدوار هادفة إلى نشر ثقافة التدبير المعقلن، وتطوير عمل الموارد البشرية وتأهيلها، وترشيد استعمال الموارد المادية والمالية، وتدبير الشأن التربوي استنادا إلى قيم الكفاءة والنزاهة والموضوعية والشفافية "[17]. فسعت من هذا المنطلق الوزارة في محاولة تنظيم هذا الجهاز لكن مجهوداتها مهما تحفظنا عليها تبقى بادرة تستحق التشجيع والانخراط في تجاه تصحيحها والمساهمة فيها بالإيجابي. فالوزارة يسجل لها بعض الخطوات في العمل الجماعي الخاص بهيئة التفتيش وإن كانت غير معلنة وغير كاملة مثل محاولة إيجاد أداة لتقويم أداء المدرسين [18]. وهي مطالبة الآن وبصورة مستعجلة بوضع أدوات عملية علمية للتقويم لكي تخرج به إلى العلمية والموضوعية والشفافية والاستقلالية والتفعيل.
أما إذا بقي حال التفتيش على ما عليه الآن من حصار وتبعية وتهميش وتعطيل؛ فلن يستطيع أن يلعب دوره الحيوي في تجديد التعليم، وستبقى مبادراتها منحصرة إما في إطار بعض هيئاته الميدانية أو في إطار الأفراد، وهي مبادرات من خارج ذات الجهاز الرسمية أو المؤسساتية الرسمية! كما أن وضعية الجهود الحالية التي يقودها الجهاز من خلال المفتشية العامة للشئون التربوية أو من خلال مديرية التقويم وتنظيم الحياة المدرسية والتكوينات المشتركة بين الأكاديميات[19] ستتبعثر إن لم تحصن في إطار مؤسساتي معلن عنه في تشريعات وقوانين فاعلة وليست حبرا على ورق كما هي أكثر التشريعات المدرسية في المنظومة التربوية والتكوينية. ونجد في إحداث الوكالة الوطنية للتقويم التي نص عليها الميثاق الوطني للتربية والتكوين مدخلا مؤسساتيا للتقويم الشامل لنظام التعليم المغربي. ويمكن لجهاز التفتيش أن يكون أحد مكوناتها البنيوية.
وعلى العموم، فإن تقرير البنك الدولي دق ناقوس الخطر في هذا المنحى الذي يجد مرجعته الأدبية والفلسفية في الميثاق الوطني للتربية والتكوين. فما على الأجرأة إلا أن تترجمها إجرائيا وعمليا بصورة جيدة وفعالة وعملية ليساهم في رفد التعليم ونقله إلى حالة فاعلة ومؤثرة في المستقبل إيجابيا بل بانية للأجيال المقبلة ومسايرة لتطورات العولمة. الشيء الذي كان محط توصية ورشة الموارد البشرية والإصلاح المنادية ب " وضع آليات ومعايير علمية ومدققة لتقييم العمل والمردودية الإدارية والتعليمية"[20] مع الدعوة إلى " إعادة هيكلة التفتيش بما يضمن الارتقاء بوظائفها التأطيرية والتربوية "[21] من حيث هو أداة للمساءلة والمحاسبة التي يجدها الأستاذ لحسن حداد السبيل لإصلاح التعليم حيث يقول: " إن وضع نظام المساءلة والمحاسبة على النتائج حسب مؤشرات الجودة والاحتفاظ وقابلية التشغيل على مستوى المدرسين ورؤساء المؤسسات، وكذا على مستوى النيابات والأكاديميات، الكفيل بالحد من التسيب الذي يطبع إصلاح التعليم والكفيل بأن يساهم في إحداث القفزة النوعية المطلوبة"[22].
2 ـ نظام التتبع:
واقعيا وتشريعيا لا يوجد جهاز في الوزارة مؤطر وممأسس ومهيكل يتولى التتبع بصفة رسمية للنظام التعليمي المغربي، ومسؤول أمام الوزارة ومحاسب. الشيء الذي لا ينفي بالمطلق وجود تتبع للنظام، وإنما هو منوط بأكثر من جهة داخل الوزارة وتشوبه نقائص عدة، مما يدعو إلى مأسسة جهة معينة ومحددة لهذه الغاية. لأن هذه الجهة ستوفر على النظام التعليمي تلك الجهود المتميز في الإصلاح والتطوير والتجديد لصالح النظام التعليمي نفسه ولجهة خدماته المقدمة. وتحصنها من الضياع والتشتت بين مجموعة من المديريات والأقسام والمكاتب والأجهزة. ومن بين الجهات المعنية بالتتبع نجد جهاز التفتيش كأداة عملية وإجرائية وميدانية تعمل تحت إشراف الجهة الإدارية الرسمية الوطنية والجهوية والإقليمية، فهو معني بتتبع أدائه وخدماته ومجهوداته أولا ثم تتبع المؤسسات التعليمية ثانيا على أساس أنه مكون من مكونات المفتشية العامة وأحد بنود اختصاص مديرية التقويم وتنظيم الحياة المدرسية والتكوينات المشتركة بين الأكاديميات[23] كنظام للتأطير والمراقبة الإقليمية والجهوية.
وغياب هذه المؤسسة الخاصة بالتتبع هو ما دفع الأستاذ لحسن حداد أن يقول تعميما في شأن السياسة العامة للبلاد بما فيها السياسة التعليمية: " وحتى حين يتم وضع السياسات فإنه غالبا ما لا يتم وضع أنظمة للتتبع والمراقبة لمعرفة ما أنجز وما لم يتم إنجازه ولماذا غالبا ما لا يتم وضع مؤشرات للانجاز، وحتى إن وجدت فلا يتم وضع خطة لجمع المعطيات بصفة منتظمة تمكن الساهرين على الإصلاح من مراقبة الانجاز. وغالبا ما يتم جمع المعطيات على مستوى المدخلات، أي كم من مشروع تم إنجازه وكم من الأموال تم صرفها وكم من البنايات تم تشييدها ولا على مستوى المخرجات، أي كيف تمت المساهمة في التقليص من نسبة الفقر أو الأمية أو الرفع من جودة التعليم أو الحد من وفيات الأطفال والأمهات في منطقة معين"[24]. فالتتبع يمكن من تفحص النواتج ودراستها بناء على توفيره مرجعية للتغذية الراجعة، التي تفيد مناطق القوة ومناطق الضعف في الفعل التعليمي. وليس المجال هنا تبيان قيمة وأهمية لتتبع في العملية التعليمية التعلمية؛ لأن ما يهم الورقة هو إظهار أن مرحلة التتبع وجهاز التتبع مفقود في مستوى المأسسة وحاضر بصيغة أو أخرى في واقع الممارسة الصفية. وهو مشتت بين أجهزة مختلفة ومتنوعة لا يوجد بينها تنسيق، كل منها في واد يجرفه عن الواد الآخر.
فرغم أن واقع التتبع تشوبه الضبابية؛ سواء ما تعلق منها بالجهة المختصة أو بعملية التتبع ذاتها، يمكن تلمس جذور التتبع في الميثاق الوطني للتربية والتكوين ولو تحت مسميات التقويم والمتابعة والترشيد والتصحيح في المجال الخامس المتعلق بالتسيير والتدبير خاصة المادة 146 التي تمكن الأكاديمية من مجمل اختصاصات تفصح صراحة أو ضمنا بالتتبع لإنتاج ولمنتوج التربية والتكوين على صعيد الجهة أو الأقاليم التابعة لها، حيث نقتطف ما يهمنا منها :
" على صعيد الجهة، تتم إعادة هيكلة نظام الأكاديميات الحالية وتوسيعها لتصبح سلطة جهوية للتربية والتكوين، لامتمركزة ومزودة بالموارد المادية والبشرية الفعالة, لتضطلع بالاختصاصات الموكولة للمستوى الجهوي بمقتضى المادة 162 من الميثاق، مضافا إليها ما يلي :
· الإشراف على وضع المخططات والخرائط المدرسية ؛
· تتبع مشاريع البناء والتجهيز التربويين, على أن تفوض عمليات إنجاز البناء لهيئات إدارية أخرى مؤهلة, في إطار اتفاقيات ملائمة ؛
· الإشراف على السير العام للدراسة والتكوين في الجهة، واتخاذ ما يلزم لتصحيح أي اختلال في التسيير أو التأطير البيداغوجي ؛
· الاضطلاع بتدبير الموارد البشرية على مستوى الجهة, بما في ذلك التوظيف والتعيين والتقويم ؛
· الإشراف على الامتحانات والتقويم والمراقبة على مستوى الجهة وما دونه ؛
· الإشراف على البحث التربوي ذي الطابع الجهوي ؛
· الإشراف على تنظيم التكوين المستمر السنوي ؛
· الإشراف على النشر والتوثيق التربويين ؛
· تزويد السلطات الوطنية بالتوصيات المناسبة والرامية إلى ملاءمة برامج التربية والتكوين وآلياته لحاجات الجهة في حالة تجاوز هذه التوصيات لاختصاصات الجهة المعنية "[25].
وأما المادة 162 من الميثاق فهي تمكن الأكاديميات من المراقبة الشاملة لأحوال المدارس بما يعني وجوب تتبعها لأحوالها لكي تصححها، فتقول هذه المادة: " تتحمل سلطات التربية والتكوين على الصعيد الوطني والجهوي، مسؤولية المراقبة الشاملة في عين المكان لأحوال المدارس وصيانتها، وتوافرها على أدوات العمل اللازمة. وعلى هذه السلطات التدخل الفوري لتصحيح أي خلل يضر بحسن سير المدرسة أو تجهيزاتها, أو يمس بسلامة بيئتها وجماليتها ومناخها التربوي الحافز"[26]. وهذه الاختصاصات يضمها القانون رقم 07.00 بإحداث الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين. الشيء الذي يستوجب على الأكاديميات تتبع العملية التعليمية التعلمية عمليا وواقعيا في الميدان، وهو الشيء الذي لا نجده قائما بصيغة ممنهجة ومضبوطة وممأسسة؛ فيعود سلبا على ناتج التعلم وجودته. ويفقد التتبع قيمته العملية في الميدان ويشتت المجهودات المبذولة في ذلك من مختلف الأجهزة المعنية بتتبع ملفاتها.
فرغم إيماننا بهذه الجذور الخاصة بالتتبع نجدها قاصرة دون المأسسة والتنظيم والمحاسبة. فمثلا الاختلالات الواقعة في آليات تدبير الشأن التعليمي في المؤسسات التربوية والتكوينية من يتحمل المسؤولية فيها؟ ومن الجهة المسؤولة عن تتبع تلك الاختلالات بالتصحيح؟ فالسيد مدير المؤسسة قد يتدخل في حدود اختصاصاته لمعالجة الاختلالات لكن تبقى بعض الاختلالات أكبر من مجهوداته، فمن يصححها من الجهات العليا إذا وجدنا أكثر من جهة معنية بتلك الاختلالات؟ فينتفي التدخل الحاسم عن الحالة ليفسح المجال لعدة قرارات من عدة جهات؛ فتتضارب الحلول ويتيه السيد المدير في عديدها! فلو كان هناك جهاز معين بتتبع المسألة ومساءل عنها، لما وجدنا العديد من القرارات التي تكون في أغلبها متضاربة ومتناقضة! وعليه فتحديد جهة ومؤسسة معينة في التتبع وفي المراقبة وفي التقويم وفي التصحيح أفضل من هذا الخليط الموجود في الميدان. ذلك أن تلك الجهة يجب أن تضم متخصصين في مجالات مختلفة ومتنوعة ومتكاملة من أجل أن تكون قراراتها واقتراحاتها ناجعة وتمس مختلف جوانب القضايا والاختلالات.
وتقرير البنك الدولي في هذه النقطة لم يجانب كذلك الصواب، لأنه لو كان لدينا التتبع لما وجدنا هذا الضعف في نظامنا التعليمي. فلا يوجد لدينا تتبع في الميدان بمفهومه المؤسساتي، ومن تم فجهود الأداء والتقويم تضيع في نصف الطريق. فنحن نعيش بعيدا عن التتبع بمفهوم التخطيط والتنفيذ والتقويم والمحاسبة، فلا أحد يتتبع أداء أحد بالاستثمار والتصحيح والمحاسبة والمكافأة، وبالتالي فالمال العام الخاص بالتربية والتكوين والجهود البشرية والمادية لا توظف ولا تستثمر بالوجه الأنسب والفاعل في الرفع من جودة التعليم ومن جودة خدماته. فيظل نظامنا التعليمي تقليديا في ممارسته وعصريا في شكله، مما يطرح إشكالية هوية التعليم على التساؤل بل على المساءلة رغم أننا نملك ما يفترض أنه يشكل الهوية، وهو الميثاق الوطني للتربية والتكوين لكنه غير مترجم كما يجب على أرض الواقع. ونحن نقف في بعض الأسلحة على أنظمة تتبعها نظرا لأهميتها في أداء السلاح وظيفته القتالية، ولابد أن يكون لدينا نظام للتتبع لدوره المهم في إنجاح العملية التعليمة التعلمية، فدونه ستظل كل الجهود المبذولة ضائعة. ذلك أن " نظام التتبع والتقييم هو مجموع متماسك، يتوفر على منطق داخلي، ويستجيب لأهداف محددة. وفي إطار نظام، تتفاعل كل العناصر فيما بينها، وتؤدي العلاقات البينية التي تخلق إلى أهمية أكبر من العناصر التي تأتي منها. ويؤثر بالضرورة تغيير يحدث على مستوى عنصر في العناصر الأخرى، وبذلك، يحدث تأثير على مستوى النظام. بالإضافة إلى ذلك، تشكل العلاقات البينية بين العناصر هي نفسها عناصر للنظام. ونظام التتبع والتقييم هو قبل كل شيء أداة إجرائية قادرة على إعطاء مؤشرات- ذات مستويات استراتيجية ومنهجية وتقنية وإجرائية في نفس الوقت- على تقدم برنامج الأنشطة، والصعوبات المواجهة في تفعيلها والإجراءات الكفيلة بتجاوز هذه الصعوبات من جهة؛ ومن جهة أخرى، حول النتائج والتأثيرات والمفعولات المحصل عليها، بعد مرحلة معينة، في علاقة بالأهداف المحددة، وفي علاقة بالموارد والوسائل المستخدمة. وبذلك، يشكل نظام التتبع والتقييم أداة قيادة وتوجيه قادرة على تسهيل اتخاذ القرار " [27]. فالتتبع مرحلة مهمة من المراحل التي يقطعها أي نظام أو مشروع أو فعل أو أداء. وبالتالي يجب التفكير فيه بكل جدية في نظامنا التعليمي كمرفق مؤسساتي منظم ومهيكل.
3 ـ منح المكافآت في المدارس العامة:
لا يوجد نظام للمكافآت النقدية أو غير النقدية في المدارس العمومية المغربية كمبدإ لتشجيع وتحفيز الطاقات والكفاءات البشرية على التميز الأدائي أو كمقابل للمردودية التعليمية العالية التي يفوق فيها العائد متطلبات الأداء العادي أو التي تساهم في تطوير وتحسين إنتاجية الأداء التعليمي أو الإداري أو الإشرافي أو الخدماتي كما أو نوعا أو جهدا ؛ كما هو معمول به في بعض الشركات أو المقاولات أو الأنظمة التعليمية الغربية والتي تولي هذا النظام عناية كبيرة، لما له من أثر إيجابي على أداء العنصر البشري لمهامه إنتاجا وحبا وتطويرا وتجديدا وتفاعلا إيجابيا مع قضاياه إلى غير ذلك من المزايا. فنظام المكافآت " ضروري لاجتذاب ودفع الأفراد ذوي الخصائص الضرورية للنجاح "[28] كما " أن المكافآت تخدم كوسيلة لإرضاء بعض الحاجات الإنسانية الأساسية وهذا يدفع الناس للعمل بطرق شتى "[29]. فيَستنبت نظام المكافآت كقيم اجتماعية وثقافية تتمثل بالعمل والجهد الدائمين والمتواصلين والمسئولين. ذلك " أن التعليم ليس مجرد نظام مكافآت تمنح وتوهب لاعتبارات شخصية أو ذاتية، بل هي جهد وعمل دائم ومتواصل "[30]. لكن في المقابل نجد معالم أدبية في مجاله ضمن الميثاق الوطني للتربية والتكوين تذهب نحو المكافآت المهنية، حيث يفيد ذلك المجال الرابع من الميثاق الخاص بالموارد البشرية في حفز هيئة التعليم والتأطير في مختلف الأسلاك؛ إذ تقول المادة 138:
( يتم حفز جميع الأطر التربوية والتدبيرية بالاعتماد على ركائز ثلاثة : تحسين الوضعية الاجتماعية للمدرسين، والاعتراف باستحقاقاتهم، ومراجعة القوانين المتعلقة بمختلف مراتب موظفي التربية والتكوين.
أ – تقوم سلطات التربية والتكوين ابتداء من السنة الدراسية 2000-2001 بتعبئة الموارد والوسائل اللازمة، بما في ذلك تخصيص نسبة مائوية قارة من ميزانية التسيير، وكذا حشد طاقات التنظيم والتدبير الفعالة، لتحقيق نهضة فورية وشاملة للأعمال الاجتماعية في قطاع التربية والتكوين، على امتداد التراب الوطني بإسهام كل الشركاء الاجتماعيين، من خلال إصلاح الهياكل والأنظمة الاجتماعية القائمة وتفعيلها، أو إحداث هياكل ملائمة وفعالة. ويتوخى من هذه التعبئة تحقيق الغايات والأهداف الآتية :
ـ تمكين المدرسين والإداريين من اقتناء مساكنهم بكل التسهيلات الممكنة، بما فيها تيسير التوفير من أجل السكن، والحصول على القروض بشروط تفضيلية بمساعدة الدولة واعتمادا على روح التضامن والتآزر والتعاون على نطاق الأسرة التعليمية برمتها ؛
ـ تمتيع أسرة التربية والتكوين بتغطية صحية تكميلية فعالة، مع تفعيل الهيئات المدبرة لها ؛
ـ تمتيع أسرة التربية والتكوين بنظام للتأمين على الحياة (منح العزاء) وبنظام للتقاعد التكميلي ؛
ـ مراعاة الظروف الخاصة للأطر التربوية العاملة بالوسط القروي بتوفير الشروط الضرورية لعملهم وحفزهم بمنح تعويضات خاصة ؛
ـ تنظيم المؤازرة والعزاء المؤسسي والتطوعي من لدن آباء التلاميذ أو أوليائهم والزملاء والشركاء لأعضاء الأسرة التعليمية؛
ـ منح المساعدات المادية والمعنوية لجمعيات المدرسين والإداريين، من أجل تنظيم كل نشاط علمي أو ثقافي أو رياضي مفيد، وإنتاج المؤلفات التربوية ونشرها، والقيام بالرحلات الدراسية والاستطلاعية، وإقامة الأنشطة الترفيهية والاصطياف والتخييم، بما في ذلك استعمال المرافق المدرسية والداخليات والأحياء الجامعية خلال العطل ؛
ـ تشجيع نظام إيراد للتربية، لصالح أبناء الموظفين والعاملين بقطاع التربية والتكوين.
ب – تحدث أوسمة للاستحقاق، وتقام حفلات رسمية سنوية على المستوى الوطني والجهوي والمحلي، لتكريم المربين والمدرسين الذين تميزوا في مهمتهم، بناء على تقويم موضوعي يخضع لمسطرة شفافة، ويرتكز أساسا على مقاييس تتعلق بتفانيهم في العمل، وبتفوق تلامذتهم ورضا الشركاء التربويين عن حسن أدائهم. ويمكن أيضا، على أساس نفس المقاييس، منح مكافآت للمدرسين المتميزين على شكل هدايا عينية ذات فائدة علمية ومهنية.
ج – ينبغي ملاءمة مختلف القوانين المتعلقة بموظفي التربية والتكوين حتى تأخذ بعين الاعتبار خصوصيات كل فئة وحقوقها وواجباتها. ويتم إرساء مستلزمات ترشيد استعمال الوسائل المتوافرة والتعبئة الضرورية للمدرسين من أجل تطبيق سريع ومتناسق لمختلف العمليات المنصوص عليها في هذا الميثاق )[31]. ونجد في الواقع التعليمي ما يترجم هذه الأدبيات على شكل حوافز مادية أو معنية لا تشكل في حد ذاتها نظاما مهيكلا أو ما يمكن أن نطلق عليه نظام الحوافز في التعليم شامل لكل مكونات المنظومة التربوية والتكوينية. فقد تم إحداث مؤسسة محمد السادس للنهوض بالأعمال الاجتماعية للتربية والتكوين كمؤسسة ونظام خدماتي لأهل التعليم من خارج نظام التعليم نفسه، يستفيد منها عموم منخرطيها، بمعنى أنها مؤسسة مستقلة عن وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي. ولا تشكل نظام مكافآت للمؤسسات التعليمية العمومية، في حين تشكل شكلا من التحفيز على الانخراط الوازن في التعليم. كما أن الوزارة سعت إلى إحداث جائزة الاستحقاق، وهي ذاتها لا تقوم مقام نظام المكافآت لأن صيغتها القانونية إقصائية من المنطلق. فليس جميع الأداءات المتميزة تستحقها! فضلا عن الملابسات التي تشوبها عمليا وإجرائيا في الميدان.
وقد سعت الوزارة إلى مكافأة التجارب المتميزة والمبادرات الناجحة، وهي تشبه جائزة الاستحقاق في التصريف والتدبير، مما لا يعتبر نظام مكافآت في التعليم. لأن نظام المكافآت تتكافؤ فيه كل الأداءات المتميزة دون تمييز. بينما في الصيغ السابقة يلغى مبدأ التكافؤ لصالح صيغ الاختيار لا لصالح التقويم. لكن يمكن أن تكون هذه الصيغ نواة نظام للمكافآت خاص بالمدرسة العمومية. ومنه يمكن هنا أن نطالب بإحداث هذا النظام للتحفيز أكثر وخلق التنافسية في الأداء بين مكونات المنظومة التربوية والتكوينية.
فواقع التعليم يفيد وجود فوارق كبيرة بين الأطر المختلفة بل وفي الإطار الواحد نفسه، مما يقلص من خلق تنافسية وحافزية لدى الأطر، خاصة إذا غذت تلك الفوارق ثقافة الخمول والذاتية والمصلحة الخاصة، مما يشكل محضنا تكاسليا أكثر من التحفيز، معاكس للهدف الذي خلقت له تلك الصيغ التحفيزية. فهناك من يرى نفسه قد وصل ولا داعي إلى الفعل الجاد مقابل آخر وجد نفسه متذمرا من تلك الفوارق بل مقصيا من تلك الجوائز والحوافز. فكثير من مكونات المنظومة التربوية والتكوين تغطي عجزها المالي بالقروض من البنوك، وكثيرا ما تسعى إلى السلف من مختلف المؤسسات البنكية لتصريف أزماتها المالية وطوارئها النازلة! في حين لو كان هناك نظام للمكافآت لغطى هذه الأزمات من خلال التحفيز والتنافسية للحصول على مكافآت مالية على المردود الجيد. لكن قد نجد مثلا أستاذا مجدا لكنه مأزوم ماليا، الشيء الذي لا يشجعه على الاستمرار في الجدية. كما أن الساعات الإضافية في إحدى دلالاتها الاجتماعية تشير إلى سد العوز والفقر.
الحديث عن نظام المكافآت الذي جاء في تقرير البنك الدولي لا يمكن إنكاره بدعوى وجد وجوه للتحفيز كما مر معنا، وإنما يمكن التفكير فيه بكل جدية، وهذا ما يجب أن تتبناه الخطة الاستعجالية لإصلاح إصلاح التعليم. لأن التعليم محتاج إلى نظام مكافآت وتحفيز يعتمد على الحوافز المادية والمالية لتشجيع العاملين به، بجانب المكافآت الاستثنائية لذوي القدرات والكفايات الخاصة. فقد يحوّل غياب نظام المكافآت في التعليم المتميزين إلى عاديين بل قد يكون عائده سلبيا على المردودية الداخلية والخارجية للنظام التعليمي كله. لهذا ربطه البعض بالجودة الشاملة؛ ذلك أنه ( هناك قول مأثور وهو أن "العمل الذي سيتم مكافأته يتم إنجازه." وبالنسبة للمديرين والموظفين على السواء فإنه ليس هناك نظاما مؤسسيا أقوى وأسطع لديهم من نظام المكافآت والأجور. فالأعمال التي يتم مكافأتها وتقديرها ستستقطب الأفراد للقيام بها وإنجازها. وعلى الإدارة العليا أن تدعم بقوة المراجعة الكاملة لنظام المكافآت والأجور للتأكد من أنه يوجه السلوك والأداء في الاتجاه الصحيح. وأي مراجعة لنظام المكافآت والأجور يجب أن تركز على جميع الأمور المتعلقة بالأداء بما في ذلك تقيم الأداء، تطبيقات وممارسات الأجور، العلاوات أو الزيادات الدورية، مبالغ الحوافز والمكافآت الخاصة، الجوائز التقديرية، قرارات الترقيات، وأي مكافآت أخرى)[32]. وهذا ما ينبغي أن يذهب إليه التعليم المغربي.
على سبيل الختم:
واقع التعليم المغربي يشهد على وجود اختلالات في تلك الأنظمة سواء على مستوى التشريع أو التنفيذ، مما يأتي بعكس المستهدف منها. وبالتالي؛ فالتعليم عليه مراجعة هذه الأنظمة إما بالإحداث أو بالتطوير. لأنها فعلا لها دورها في التحفيز والتميز في الأداء. أما البقاء على الحالة التي للتعليم الآن، فهي لن تقدم شيئا للكفاءة الداخلية والخارجية للتعليم بل سترسخ مواطن التفرقة والانشقاق والتهاون والتخاذل في أداء المهمات، وتوطن القيم السلبية أكثر في ثقافتنا التربوية، التي هي مشبعة أصلا بها. فكل نقد بناء يحارب بكل قوة لأنه يعري على الواقع أمراضه. وها هو التقويم بالمؤشرات غائب بجانب غياب التتبع، وها هي التحفيزات والمكافآت آلت إلى سراديب المدن القديمة والأقبية المظلمة. الكل يستنكر الطريقة التي تدبر بها. وها هو التنظير يفارق الواقع في هذه الأنظمة.
فمهما انتقدنا تقرير البنك الدولي في بعده السياسي لما يشكل من توجيه وضغط على المغرب، من أجل تبني أطروحاته؛ فليس من المنطقي والعقل أن ننكر ما جاء به بخصوص هذه الأنظمة. وكل دفع بمسوغات وجودها، فهي دفوعات شكلية لا ترقى إلى الجوهر، الذي يفيد وجود دراسة التقرير من تقنيين مختصين للخلوص إلى استنتاجات تساهم في تطوير تعليمنا، ومعالجة ثغراته، التي ظلت الجهة التعليمية الرسمية تنكرها باسم السياسي لا المهني التخصصي الاختصاصي! إلى أن صدر التقرير الأخير للبنك الدولي وتبعه تقرير المجلس الأعلى للتعليم. فقد كتب المختصون منذ سنوات خلت مكامن الضعف في أجرأة الميثاق الوطني للتربية والتكوين؛ لكن تم مقابلتها بالصمت وعمى الألوان لأجل القول بنجاح العشرية؟! ظنا أن القول بالهفوات والضعف قيمة سلبية رغم أنها أقوى قيمة في الميدان التعليمي يجب الأخذ منها، لكونها مفتاحا للعلم والتعلم والتصحيح والتقدم والتطور. ومن المنطق والمعقول أن تكون هناك هفوات وكبوات في مسار التعليم، وهي أمر عاد جدا، وغير العادي هو الإصرار على الهفوات والكبوات دون معالجتها أو تصحيحها!
هذه القضية طرحتها دون الإسهاب في تحليلها، لعلها تشكل موضوع قراءات متنوعة ومقاربات مختلفة لمعالجتها برؤى جديدة ومتطورة. أملي أن أجد من يكمل الطرح.
[1] البنك الدولي، الطريق غير المسلوك إصلاح التعليم في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تقرير التنمية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، واشنطن، الولايات المتحدة الأمريكية، 2007، ص.: 18.
[2] ذ. محمد مكسي، كفايات التفتيش التربوي، منشورات صدى التضامن، التضامن الجامعي المغربي، الدار البيضاء، المغرب، 2005، ص.: 26.
[3] منشورات صدى التضامن، النصوص التنظيمية والقانونية الخاصة بالتعليم؛ مجموعة وثائق، التضامن الجامعي المغربي، الدار البيضاء، المغرب، 2003، ط1، ص.ص.: 55 ـ 56.
[4] النظر المادة 4 و8 مكرر مرتين و10 في المرسوم رقم 2.02.854 ( 8 ذي الحجة 1423 / 10 فبراير 2003 وتعديلاته ).
[5] انظر مقاله الموسوم ب: " دور علوم التربية في تطوير الإشراف التربوي " مجلة الدراسات النفسية والتربوية، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، المغرب، 1992، العدد 13، ص.ص.: 60 ـ 64.
[6] ذ. محمد الإمام الفكيكي، مرجع سابق، ص.ص.: 60 ـ 64.
[7] نفسه، ص.ص.: 60 ـ 64.
[8] نفسه، ص.ص.: 60 ـ 64.
[9] انظر مثلا دور التفتيش التربوي في رصد مستوى متعلمي مدارس باريس وتدنيه مقابل المعدل العام لفرنسا، في مجلة الجزيرة، 2 ذي القعدة 1425، العدد 109.
[10] د. عبد اللطيف الفاربي وآخرون، معجم علوم التربية، سلسلة علوم التربية 9 ـ 10، المغرب، 1994، ط 1، ص.: 129.
[11] نفسه، ص.: 129. وانظر للتفصيل في شأنه:
– The Clinical Supervision. Cogan, Moris L. (1973). Boston: Houghton Muffin Company.
– Supervision as a Proactive Process, (1995), Daresh, John & Playko, Marsha, Illinois: Waveland.
– Supervision of Instruction: A develop mental Approach ( 1998 ), Carl Glickman.
– Supervisory Leadership, ( 1997 ), Allan Glatthorn.
– Differentiated Supervision, ( 1997 ), Allan Glatthorn.
– Peer Coaching for Educators, ( 1994 ), Barbara Little Gottesman & James Jennings.
[12] سورة يوسف، الآية: 46.
[13] انظر ورقة النقابة المقدمة إلى الوزارة حول المذكرة 114، التي اشتغلت عليها شخصيا وهي منشورة في جريدة وجدة سيتي الإلكترونية المتميزة.
[14] منشورات صدى التضامن، النصوص التنظيمية والقانونية الخاصة بالتعليم؛ مرجع سابق، ص.: 55 .
[15] نفسه، ص.: 55.
[16] قطاع التربية الوطنية، تنظيم التفتيش ( مذكرات تنظيمية )، مطبعة التربية الوطنية، 2004، ملف الإنتاج رقم 2004/242، ص.ص.: 1 ـ 2.
[17] المذكرة 113 بتاريخ 21/09/2004 في شأن تنظيم العمل المشترك بين هيئات التفتيش، المرجع السابق ( هامش 16)، ص.: 1.
[18] انظر أشغال المفتشية العامة للتربية والتكوين، الشؤون التربوية، لقاء المنسقيات المركزية التخصصية، 27/04/2006.
[19] انظر اختصاصاتها في المادة العاشرة من المرسوم رقم 2.02.382 بتاريخ 6 جمادى الأولى 1423 الموافق لـ 17 يوليو 2002 بشأن اختصاصات وتنظيم وزارة التربية الوطنية، الجريدة الرسمية عدد 5024 بتاريخ 25يوليو 2002 الصفحة 2131.
[20] وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي، المنتدى الوطني للإصلاح: المكتسبات والأفق، مطبعة النجاح الجديدة، 1426/2006،ط1، ص.: 410.
[21] نفسه، ص.: 410.
[22] ذ. لحسن حداد، لهذه الأسباب تراجع تصنيف المغرب على سلم مؤشر التنمية، جريدة المساء، العدد : 477 ، الثلاثاء 1 أبريل 2008.
[23] انظر الهامش 19.
[24] ذ. لحسن حداد، مرجع سابق.
[25] الميثاق الوطني للتربية والتكوين، مرجع سابق، ص.ص.: 59 ـ 60.
[26] نفسه، و
[27] انظر معجم الكلمات، http://www.ads.ma/ar/ads/lexiq/lexique-des-termes.html.
[28] د. شفيق رضوان، كيف نحفز على العمل، http://www.balagh.com/najah/5k0yiqm4.htm.
[29] نفسه.
[30] د. ناجي صادق شراب، جون جينغ: ممثل أممي برؤية وعقلية فلسطينية، http://www.amin.org/look/amin/article.tpl?IdLanguage=17&IdPublication=7&NrArticle=45024&NrIssue=1&NrSection=2#b
[31] الميثاق الوطني للتربية والتكوين، مرجع سابق، ص.ص.: 56 ـ 57.
[32] أسامة داود، دور الإدارة العليا في بناء ثقافة الجودة الشاملة، oqad.maktoobblog.com.
5 Comments
شكرا أستاذي الكريم قريش على هذه الورقة الوافية التي ستتطلب منا وقتا و تركيزا كبيرين للتفاعل معها إبالشكل الصحيح إلا أن هذا لا يمنعني بعجالة من الإدلاء ببعض الأفكار:
1- طرحت أستاذي الكريم الكثير من القضايا المهمة التي تشغلنا، و جمعت الكثير من الاراء و الأفكار العفوية التي يعبر عنها الفاعلون التربويون و خصوصا المفتشين و قدمتها بطريقة تتوخى العلمية في الدراسة و الأناقة في الطرح ، فهنيئا لكم تقديرنا و محبتنا ؛ و هنيئا لنا أيضا قيمتكم المضافة؛
2- فيما يخص التفاعل المعرفي / الإعلامي للمفتشين مع قضايا التربية المطروحة التقارير الوطنية و الدولية في المرحلة السابقة كان يتميز بالنقص و المبادرات المتفرقة و العفوية رغم صواب طروحاتهم فيما يخص المفاتيح الأساسية للاختلالات و هذا الضعف لا زال مستمرا رغم خطورته؛ الأن يبدو لي أن السياق الحالي مناسب لمحاولة تجاوز هذ المأزق؛
3- أدعو نقابة مفتشي التعليم – كما أرجو منك أستاذي الكريم قريش التفكير في هذا المقترح- إلى ابتداع آليات تنظيمية و تشكيل خلايا لبلورة تصورات المفتشين و آراءهم بشكل مؤسسي و علمي لنعكس الصورة الحقيقية و نوضح طبيعة أدوارنا و نواكب هذه المستجدات الهامة التي بينت أن مشاركة هيئتنا حيوية لا يمكن الاستعاضة عنها ببدائل مزيفة.
4- تبعا لهذا التصور، و من موقعي كمفتش في التخطيط التربوي، أعبر عن استعدادي الكامل للتفاعل مع قضايانا التربوية وفق رؤية مندمجة ضمن فرق عمل مصغرة من المفتشين تعزيزا للقوة الاقتراحية / المعرفية لنقابة مفتشي التعليم.
و الله الموفق
رشيد معراض: مفتش في التخطيط التربوي
مشاركة هيئتنا حيوية لا يمكن الاستعاضة عنها ببدائل مزيفة.
عزيزي رشيد معراض سلام الله عليكم يا زميلي وأخي الفاضل. أشكر لكم التعليق وأنا رهن إشارتكم في القيام بالواجب تجاه هيئتنا الكريمة وتجاه نظام تعليمنا المغربي لكي نساهم في إنجاحه بجانب الطاقات الحية فيه. بالمناسبة وأنا أقرأ اليوم جريدة الصباح أثار انتباهي ما وصل إليه تقرير المجلس الأعلى للتعليم تجاه هيئة التفتيش. وحيث أني مازلت لم أشتغل عليه علميا؛ فإني أجده يعتمد على آراء هي أقرب إلى الإنطباعية منها إلى الموضوعية. وهو بحاجة إلى مؤشرات علمية في مقاربة النظام كله،تبنى بطرق علمية ومتخصصة جدا. وأما أن يسوق آراء للحكم على مكونات النظام التعليمين فتلك إرهاصات يضعها البحث العلمي موضع التساؤل. ومنه إن أزمة هيئة التفتيش فيها ما هو موضوعي وما هو ذاتي وما هو بنيوي … ولا يستقيم القول بالرأي دون حجة عملية وبينة ناطقة.
أقولها وبصدق حان الوقت الذي يجب على هيئة التفتيش أن تفنذ بعض الآراء الخاطئة تجاهها. وإلا سيحاسبها التاريخ التعليمي المغربي، وهي مدعوة إلى الانخراط الوازن والثقيل في تجديد التعليم من خلال تبيان وتعرية واقع إصلاح التعليم، وإصلاح إصلاح التعليم، فالخطة الاستعجالية لإصلاح إصلاح التعليم تقف في بعض مداخلها على الاستعجال المعيب في مقاربة الموضوع. وهو الاستعجال الذي لا يدرس الواقع دراسة وافية وشاملة.
بالمناسبة ومن خلالكم أتقدم للقراء بطلب المعذرة والسماح لي فيما وقع في المقال من أخطاء طباعية والناتجة عن عدم انتباهي للحروف علما بأن مرض السكري حفظكم الله والأمة كاملة منه ومن الأمراض لم يترك لشبكة علني متسعا من تمييز الحروف، خاصة حروف لوحة الكتابة. فمنكم جميعا أرجو المسامحة والتجاوز عن أخطائي مع الدعاء لكم بالتوفيق وإطراد النجاح وما التوفيق إلا بالله العلي العظيم والسلام.
الأخ الكريم قريش ، لنا و للقراء المهتمين عودة إن شاء الله إلى هذا الموضوع الهام في الأيام القريبة، و دمتم بصحة و عافية.
شكرا لأستاذنا ومؤطرنا وعزيزنا الأستاذ الباحث الفاضل والذي يستحق كل التقدير والاحترام على ما يفوه به وما تجود أريحته من بحوث تنم على بعد نظر ,السيد عبد العزيز قريش ,أدامك الله خدمة للمنظومة ,وليس عندي ما أقول سوى المتمنيات لك بالصحة والعافية والرجاء من الاخوة في المجلس الأعلى للتعليم والذين يدعون بأنهم يقيمون دراسات ميدانية ,أن يطلعوا على بحثك ويعتبروا ما جاء فيه على زعمهم استعدادهم للانصات . دام قلمك خدمة للتعليم والصالح العام.