لكل جواد كبوة
لعله من نافلة التذكير أن نذكر بأن الأستاذ عبد الله النهاري كان بطل سنة 2008 بامتياز. وذلك راجع لعدة أسباب منها أنه خطيب محنك وذو عريضة قوية.. ويمتاز بجرأة في مقارعة الباطل قل نظيرها..ومتفاعل إلى أقصى حد مع ما يقول في انسجام تام بين القلب واللسان والجوارح.
وأبرز الأسباب حادثة المنبر التي نشرت على أوسع نطاق، خصوصا على الشبكة العنكبوتية، فتلقاها العالم كما تلقاها المغاربة فتعاملوا معها بشكل لم يرق من يعرف الرجل ويعرف صدقه فيما يدعو إليه، حتى صارت الهواتف النقالة تتبادلها ككليب مثير وعجيب. كما أن الكثير من الجرائد لم يفتها أن تقوم بتغطية الحدث الهام فذهبت إحداها إلى تسمية الأستاذ بالثور الهائج. وذهب آخرون إلى وصفه بالتهريج والحمق.
ومن هاته الجهات رجل إعلام صديق لي وهو دكتور "أد الدنيا" أثناء حديث دار بيني وبينه لم يستطع صبرا حتى وصف الأستاذ بأنه مهرج ولا علاقة له بخطبة الجمعة. فكان ردي الاضطراري وربما الوقح كذلك واللاشعوري لسعادة الدكتور: هل تستطيع أن تصعد إلى منبر من المنابر وتهرج مثلما يهرج الأستاذ عبد الله النهاري..فإن استطعت ذلك فأنا أعدك أنني سأحظر خطبك بانتظام. فبهت الذي تعدى ونبس فشتم.
فمشكلتنا نحن مع هذا النوع من الإعلام والإعلاميين مثل ما وقع السنة الماضية في الإعلام المصري حيث واجه أحد القضاة تهمة بتورطه في جريمة شنيعة..فلم تصبر المنابر الإعلامية حتى بادرت و نشرت صورة القاضي في صفحاتها الأولى وبعنوان غليظ يشوه سمعة القاضي. وبعد مدة عندما جرت التحقيقات في القضية وقالت العدالة كلمتها الأخيرة استنادا إلى أدلة وقرائن، ظهرت براءة القاضي الشريف من كل ما نسب إليه. فماذا نتوقع أن تفعل وسائل الإعلام يا ترى؟ هل ستعتذر للقاضي؟ هل ستنشر خبر البراءة في الصفحة الأولى وببنط غليظ تماما كما نشرت التشويه بالصفعة الأولى. إنها لم تفعل لا هذا ولا ذاك.. حيث اكتفت بنشر الخبر في زاوية مظلمة صغيرة مدسوسة داخل أعمدة ومربعات وصور وسط أوراق الجريدة..
فالشاهد هنا هو أن بعض الإعلام تستهويه الإثارة ويستهويه التشهير. ولا يستهويه البحث عن الحقيقة والتريث لاستقصاء الرأي واستكمال المعطيات.
فما وقع للأستاذ عبد الله النهاري كان على الإعلام ألا يتعامل معه كمشهد مثير يقتصر على حالة غضب وتوتر معزولة عن الأسباب الدافعة لذلك. فهي كبوة وحالة غضب سببها الوضع المزري الذي تعيشه الأمة وتعيشه البلاد من انتشار الفساد..كان يمكن لتلك الصحف أن تقول جميعها : " نعم إن الوضع المزري الذي تعيشه بلادنا يفقد الأعصاب ويجعل الحليم حيرانا..إن الربا طم والزنا عم والفساد الإداري والمالي صارا ضربة لازب لصيقة بكل مشروع تربوي أو اقتصادي أو سياسي…"
إن الإعلام يعلم أن عدم النزاهة من شأنها أن تجعل الشجرة تخفي الغابة..فشجرة الحدث ما كان ينبغي – للأسف – أن تخفي غابة المشروع التغييري الذي يحمله الأستاذ النهاري..من دفاع مستميت عن القيم والأخلاق، وتصدي لكل مظاهر الفساد وكشف عورة السوء لكل أعداء الوطن من مفسدين ومتلاعبين بالمال العام… ومروجي الخمور وتقريبها من المواطن المسلم علانية دون استحياء…ومرتزقة يبيعون ويشترون في الأعراض…ومرشحون يبيعون صكوك الوعود الكاذبة ويضحكون على ذقن كل مواطن، و مؤيدي الشذوذ الجنسي ومشجعيه بتخصيص شواطئ محمية خاصة.. ومانعي القرآن الكريم من أن يكون ضمن الكتب المعروضة في معرض الدار البيضاء الدولي..وتعريفه للناس حقيقة العمليات الإرهابية التي تعرض لها وطننا الحبيب بأنها عمليات إجرامية وأن الله تعالى حرم قتل النفس إلا بحق منصوص عليه في الكتاب والسنة. وأن من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض كأنما قتل الناس جميعا.ومن دعوة للتبرع بالدم لإنقاد المرضى والمصابين. ومن دفاع عن قضايا الوطن وقضايا الأمة أهمها دفاعه عن القضية المركزية في الصراع العربي الإسرائيلي وهي قضية فلسطين السليبة..فلا يوجد وجدي واحد ينكر غيرة الأستاذ عن أمته وعن وطنه كما لا ينكر أحد ما يقدمه من عون للأيتام والفقراء والمحتاجين . وإن ما يقوم به الأستاذ في العمل الاجتماعي لا تقوم به حتى الهيئات التي من اختصاصها العناية بالطفولة والأرملة والمسكين.
فمن حقنا نحن، أبناء هذه المدينة، أن ندافع عن فعالية من فعاليات مدينتنا العريقة، لا تعصبا ولا رجوعا إلى الجاهلية الأولى، بل هو حق الأستاذ علينا من موقع معرفتنا له..والساكت عن الحق شيطان أخرص..إننا نعرف الأستاذ مذ كان طالبا، ونعرفه وهو رجل تعليم بنواحي الحسيمة، ونعرفه وهو بغرفة الصناعة التقليدية.. ونعرفه خطيبا ومحاضرا وداعية ..كما نعرف صدقه وغيرته وحبه الشديد لهذا الوطن ولهذه الأمة.
زارني أحد أصهاري من مدينة البيضاء، وسألني عن الأستاذ النهاري بعدما أراني الكليب المسجل بمحموله. وعوضا أن أعرفه بأعمال الأستاذ النهاري اكتفيت بأخذه ليحضر شخصيا لإحدى خطبه..ومن النتائج الطبيعية التي لم أكن أنتظرها، وهي إزالته للكليب من محموله مباشرة بعد خروجه من مسجد الكوثر بحي كلوش.
إن هذا السلوك طبيعي جدا لأن من جهل شيئا عاداه ..ونحن نقول من جهل الأستاذ النهاري وضع الكليب في محموله.
إن غضبة الأستاذ النهاري لا نبرئها.. وما كان ينبغي أن تكون خصوصا إذا كانت الصورة تحمل آية قرآنية، ولعل هذا ما جعل الأمر يصل إلى ما وصل إليه.. ولكن سأخبر القارئ عن موقف الأستاذ النهاري نفسه من تلك الغضبة ومن ذاك الكليب.
في إحدى الولائم بمنزل أحد الكرام طلب أحد الإخوة المحبين للأستاذ النهاري بأن يؤسس موقعا إلكترونيا يضع به خطبه ومحاضراته حتى يعلم كل المغاربة من هو الأستاذ عبد الله النهاري وحتى يغيروا الصورة التي ارتسمت في أذهانهم من خلال الكليب " باليوتوب ". فكان رد الأستاذ النهاري كما يلي : دع الناس يتحدثون ويعقبون ويسبون..فإن من وقع في الذنب يستحق العقوبة..فأنا أخطأت..أخطأت..أخطأت…ولهم الحق فيما قالوا وعقبوا"
إنني بمجرد سماعي لهذا الرد وددت أن أقوم من مكاني وأقبل رأس الأستاذ عبد الله النهاري. إنها كلمات تدل على حجم الرجل وعظمة وصدق هذا الداعية…إنه بهذه الكلمات زاد حجما في عيون من سمعوه.
إنه الأستاذ عبد الله النهاري..الرجل البسيط في هندامه..في تعامله.. لا يعرف التكلف..ناكر لذاته..محقر لنفسه..لين مع إخوانه..مرح.. لا يمل جليسه من مجالسته…جريء لا تأخذه في الحق لومة لائم.
"من يمارس يخطئ " صدق من قالها، ولكن يجب أن نتعلم كيف لا نبخس الناس أشياءهم. ونعترف لكل ذي فضل فضله، وليس معنى هذا غض الطرف عن الأخطاء. بل تقويمها مطلب شرعي لمزيد من الاستقامة والترشيد..وكل معرض للخطإ كما أن الكل يؤخذ ويرد في قوله إلا المعصوم صلى الله عليه وسلم. وقد قالها عمر بن الخطاب صراحة: " لا خير فيكم إن لم تقولوها ولا خير فينا إن لم نقبلها" وصدق الحبيب المصطفى حين قال: لا خير في قوم لا يتناصحون ولا خير في قوم لا يقبلون النصيحة" وقد جعل الدين كله نصيحة. هكذا كان العظماء لا يتبرمون من الإقرار بالخطإ ولا تأخذهم العزة بالإثم…وبإقرارهم بأخطائهم ازدادوا عظمة وأحبهم أبناء الأمة أكثر وأخذوا عنهم العلم والفتوى.
8 Comments
Je suis tres content de savoir que AbdeAllah Nhari s’est rendu compte de son erreur. C’est un grand homme.
Atta2ibo Mina Danbi Kaman La danba laho.
Ca sera genial si il utilise cette faute pour expliquer aux gens que Kolo Bani Adam Khata2 et que ce qui compte c’est la suite.
C’est un grand homme avant et apres son erreur. Wa salaam.
بارك الله فيك يا أستاذ، لقد أحسنت القول. إن من صور الكليب ووضعه في يوتوب لكشف عورة داعية عظيم كالأستاذ عبد الله نهاري ارتكب جرما عظيما لأنه شوه الحقيقة كم اكتفى بقوله تعالى « ويل للمصلين ». عبد الله نهاري هو الذي نظف أحياء كولوش والطوبة من الجريمة بدروسه التربوية الهادفة ، بعد ما كان سائق الطاكسي الحمراء لا يستطيع تجاوز خط السكة الحديدية خوفا على نفسه من مافيا المخدرات وسفاكي الدماء…اسألوا أبناء كولوش/الحسني حاليا عن الأستاذ عبد الله… يكفي أنه اعترف بخطئه ووعد الجميع بعدم تكرار ذلك وسامح كل من شوه صورته… ما أعظمه من رجل… إنه مدرسة في الدعوة إلى الله تعالى وفي التسامح وسعة الصدر والاعتراف بالخطأ… رغم أن هذا الخطأ ما هو إلا غضبة واننفاضة من أجل حرمات الله وهو مأجور عليه إن شاء الله.
من المؤسف أن الذين أسرفوا في التعليق عن لقطة في حال انفعال يعذر فيها الرجل لم يذكروا يوما حسنة من حسناته ولم يستحضروا مساره المشرف وجرأته غير المعهودة في المنطقة الشرقية وفي المغرب برمته وهم الذيت كانوا يسخرون من خطباء الحيض والنفاس والتيمم والملح … إلخ فلما وجد من يعالج القضايا الهامة والحساسة أصبح حديث التندر والهواتف الخلوية
وصدق من قال : أيذهب يوم واحد إن أسأته بصالح أيامي وحسن بائيا
شكر الله للأخ الكريم أحمد الجبلي كلمة حق في الداعية الصادق الذي لا نزكيه على رب العزة
وشكر الله سعي الأستاذ عبد الله النهاري ووفقه لما فيه خير الأمة
Certes, on ne peut pas comparé l’incomparable !
إن الذين ركبوا لقطة غضب الداعية لم يذكروا سببها مع أن سياقها في عذر للحليم الحيران
ولأمر ما قال أبو العلاء المعري رحمه الله :
إذا وصف الطائي بالبخل مادر/// وعير قسا بالفهاهة باقل
وقال السهى للشمس أنت خفية/// وقال الدجى يا صبح لونك حائل
وطاولت الأرض السماء سفاهة/// وفاخرت الشهب الحصى والجنادل
فيا موت زر إن الحياة ذميمة/// ويا نفس جدي إن دهرك هازل
صدقت يا أخي فلكل جواد كبوة….أما الذين أساؤوا إلى الداعية عبد الله النهاري جازاه الله خيرا وبارك في عمره وعلمه.. فأقول اللهم اغفر لهم فإنهم لايعلمون… أما ما حدث في تلك الخطبة فأقول ما قاله سبحانه و تعالى « أما الزبد فيذهب جفاء، أما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض » صدق الله العظيم وصلى الله على الحبيب سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام.
c’est un grand homme que Si Abdellah, ce clip de youtube monté pour ternir son image n’a fait que le grandir. Nous devons beaucoup de respect à ce grand homme , humble et modeste comme les grands sages des époques révolues dont la vérité toute crue coule par la bouche . Nous lui affirmons que jamais nous n’aurons assez de courage pour dire ce qu’il dit, ni les mots pour le faire. Nous nous alignons derrière la voix de la vérité de ce monument de la vérité.Qu’Allah protège Si Abdellah.
C’est une bonne leçon aux autres Khatibs des mosquées et enseignants des établissements scolaires. L’enseignant, aux yeux de ses élèves, est censé de tout savoir, il ne lui est pas permis de se tromper !! . Quant à M. Abdellah, Dieu seul est le vrai juge… C’est un fait: faute ou non…Il n’est pas si important à ce point !!!