Home»Enseignement»نساء ورجال التعليم والتفرقة، من المستفيد؟

نساء ورجال التعليم والتفرقة، من المستفيد؟

0
Shares
PinterestGoogle+

نساء و رجال التعليم والتفرقة ، من المستفيد؟

لعل الجيل الذي درس في كتب القراءة لأحمد بوكماخ يتذكر قصة ذلك الشيخ ـ الذي حنكته الحياة وامتلأت جعبته بالتجارب ـ حين جمع أبناءه عندما أحس بدنو أجله، وأعطى لكل واحد منهم عودا من الخشب، وطلب منه كسره. فما كان من الأبناء إلا أن يمتثلوا لأوامر الأب و يقوموا بالعملية بكل سهولة، وقد استغربوا من سلوك أبيهم. لكن الشيخ مد بعد ذلك حزمة من الخشب مربوطة لأكبر أبنائه وطلب منه كسرها، فعجز عن ذلك. والأمر نفسه تكرر مع باقي الأبناء.
والمتتبع لواقع التعليم في بلادنا وما يعرفه من صراعات وتفرقة يلاحظ أن المسئولين عن الشأن التربوي قد فهموا الحكمة

بل إن مسئولا كبيرا في وزارة التربية الوطنية سابقا يروى له قوله المستمد من مثل شعبي "جوع كلبك يتبعك". وهكذا تضافرت فكرة" فرق تسد مع تجويع رجل التعليم" فنقل من مكانته المرموقة و رسالته النبيلة، إلى موضع سخرية وموضوع نكتة. في الوقت الذي تفرغ فيه المسئولون لمشاريعهم الخاصة، وتهافتوا على التباهي بالسيارات الفخمة مربعة الدفع(4×4)، وانشغلوا بترميم المكاتب التي لا يعمرونها والمساكن الوظيفية التي يعملون جهد أيمانهم على الاستيلاء عليها بالتمليك إن هم نقلوا إلى أماكن أخرى أو أحيلوا على التقاعد.

وهكذا بعد أن كانت هيئة التعليم يدا واحدة، وبنيانا مرصوصا يصعب اختراقه، تفنن من له مصلحة في التفرقة في البحث عن السبل إلى ذلك. وبعد أن كانت الحكومات ترتعد عند سماع بخبر عزم رجال المهنة الشريفة على شن إضراب، وكانت تسارع للحوار والبحث عن الحلول، أصبحت الإضرابات اليوم بالقناطير المقنطرة، وفي كل الأوقات والأيام ولا أحد يهتم بها. لأنها لم تعد تعبر عن رأي الأغلبية، بل لم تعد هناك أغلبية، وإنما أصبح لكل رجل تعليم نقابة، ولكل مواطن حزبا. وبدل التوحد وترميم الصفوف أصبح رجال التعليم يتناحرون فيما بينهم.
وألهب نار الفتنة ما سنه المسئولون من خطط مدروسة وأساليب مقصودة كانت أولاها اتباع ما يسمى بالنظام الكناديméthode canadienne) ) الذي شطر هيئة التدريس إلى شطرين فأصبح فريق الصباح لا يرى فريق المساء السنة كلها.

ثم جاء نظام الترقية الذي لم يعتمد مقاييس مضبوطة ومعقولة، وإنما كان سببا في بذر بذرة الكراهية والخصام بين أعضاء الجسم الواحد. الذي جزء وفتت بتسميات متعددة في الفئة الواحدة. فأساتذة التعليم الابتدائي رغم قيامهم بنفس المهام إلا أن السلالم تميز بينهم. وقس عليهم أطر الاستشارة والتوجيه الذين تفنن من يحلو له اللعب بالألقاب أن جعل منهم " مستشار من الدرجة2 ومستشار من الدرجة1 ، وآخر من الدرجة الممتازة، ومفتش التوجيه من الدرجة1 ومن الدرجة الممتازة. بينما يزاولون نفس المهام.

وفي هذا المستنقع الذي كثرت مشاكله، وحار العاملون به، واستشرى فيه الظلم والمحسوبية والزبونية نشطت فئة يحلو لها الاصطياد في المياه العكرة، فادعت الدفاع عن مصلحة رجل التعليم، وتعددت هي الأخرى إلى نقابات وجمعيات وأحزاب وغيرها، واستمدت قوتها من ضعف وتفكك رجال التعليم حتى أعطت نفسها همام واختصاصات غيرها، وأصبح ذوي النفوس الضعيفة منها يتبجحون بالقول، ويتباهون بامتلاك السلطة، فأثروا سلبا على العملية التربوية عامة، وأساءوا لرجل التعليم بخاصة. ومنهم من أصبح مرادفا للغش والتواكل والزبونية. ولا أدل على ذلك من أن بعض رجال ونساء التعليم حصلوا على امتيازات من مثل الانتقال إلى مؤسسات قريبة من مساكنهم أو أن عدد ساعات العمل بها أقل من غيرها ولا مبرر أو عذر لهم في ذلك إلا أنهم مقربون من تمثيلية نقابية معينة. في حين يعاني آخرون من ظروف صحية واجتماعية أكثر صعوبة ولا يهتم لأمرهم أحد، وذنبهم الوحيد أنهم رفضوا الانخراط في نقابات أصبحت تعود بهم إلى زمن كان فيه الشعار السائد هو" أنصر أخاك ظالما أو مظلوما".

لهذا كله وغيره كثير أرى أن جبر الصدع وتوحيد الصفوف، والعمل الجاد قبل كل شيئ هو ما يجب أن يسود بين كل أعضاء الأسرة التعليمية، ويجب أن يكون العمل هو المقياس الذي يقيم به العامل في حقل التربية والتعليم. وأول شروط نجاح هذا العمل الشريف هو احترام التخصصات، وأن يشتغل كل واحد في الميدان الذي يبدع فيه، وألا يحاول عرقلة عمل الآخر للتغطية على كسله أو تهاونه أو عدم كفاءته. وأن يتخلى في مقر عمله عن كل انتماء، عدا الانتماء الوطني، والإخلاص في العمل وينزع عنه كل معطف يربطه بنقابة أو حزب أو جمعية. ويجعل نفسه يسود بجديته، ويفوز برضا ربه قبل رضا رئيسه في العمل.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

2 Comments

  1. حسن.ب
    01/04/2008 at 13:43

    اصطفاف رجال التعليم في خندق واحد قد يكون مبتغى للجميع و حرية اختيار النهج و حرية الاختلاف امر لا يمكن التنازل عنه. و بين هذا و ذاك يبقى مصير رجل التعليم بيده يرفع مكانته ان شاء و يضعها ان شاء. نبل المعلم يتجلى في تقدير النبي صلى الله عليه و سلم لدوره و هو من قال انما بعثت لاكون معلما. و تداول عبارات قد تكون قيلت امام اشباه رجال لان السب امر يعاقب عليه القانون وقد تكون مجرد قول يقال. المهم ان تكريس مثل هذه العبارات قد لا يعود بنفع .
    و لصاحب المقال الشكر لاتاحته المجال لمناقشة مثل هذه الامور.

  2. رجل تعليم ( ابتدائي )
    02/04/2008 at 00:22

    إن التقييم الذي تتحدث عنه شيء ممتاز ،ولكن على أي أساس؟ إذا كان على أساس المردودية والمواظبة ووو…فأنعم وأكرم . أما إذا كان على أساس العلاقات الشخصية والتملق والزلفى… (كما حدث في الترقية الداخلية ) فتلك هي الطامة الكبرى، لأن التقييم سيصبح في هذه الحالة في حاجة إلى تقويم .
    أما عن الشيخ الذي تحدثت عنه في بداية مقالك ، فهو المهلب بن أبي صفرة ،والله الموفق .

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *