حق الرد: ردا على مقال الأستاذ طيب زايد Les élèves professeurs entre les griffes des coordinations
لم أطلع على مقال الأستاذ طيب زايد أعلاه إلا صبيحة هذا اليوم 22/01/2015، وقد وجدت فيه من المغالطات وقلب الحقائق، فضلا عن تجاوز حدود اللباقة والمساس المباشر بشخصي، ما يستدعي الرد والبيان. فمما ورد في المقال –بالمعنى- أن (الأساتذة المتدربين أصبحوا ضحية أطراف تسخرهم نقابيا وسياسيا، وتحرضهم على الفتنة وتأزيم الوضع في البلد، وأن الندوة الفكرية التي أطرها بعض النقابيين –من ضمنهم أنا- لا تمت للفكر بصلة وأنها مجرد تعبئة نقابية تصب الزيت على النار، وأن ذلك مستهجن خصوصا إذا كان أحد المؤطرين أستاذا بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين، حيث يقع في التناقض بين مهمة التكوين ومهمة التعبئة النقابية، وهذا الأستاذ يتقاضى راتبه في آخر الشهر رغم توقف التكوين، ولا يبالي لمصير الأساتذة المتدربين الذين يغرر بهم…)؛ ذلك بعض ما ورد في المقال المذكور، وزاده تأكيدا في أحد تعليقاته.
وإنني لأستغرب كيف سمح الأستاذ زايد لافتراضاته واستنتاجاته أن تطوح به بعيدا، إلى درجة بسط اللسان والنيل من كرامة أناس لا يعرفهم حق المعرفة، فيتهمني بالتغرير والانتهازية والتحريض على الفتنة والتناقض وعدم المسؤولية… فهل كل ذلك استنتجه من مجرد تقرير موجز اطلع عليه في بعض المواقع؟ فإنني أبرأ إلى الله تعالى مما وصفني به، وأسامحه في حقي الشخصي رغم مرارة الألم الذي سببه لي، لكنني ألفت انتباهه –وكافة القراء- إلى جملة من الحقائق التي غابت عنه، فقد استقى معطياته من العالم الافتراضي وبنى عليها أحكامه القاسية؛ في حين أن الكلمة أمانة ومسؤولية لا يجدر أن تلقى لمجرد التكهنات والتخرصات.
إن الندوة الفكرية المشار إليها، والتي كانت تحت عنوان: « المدرسة والوظيفة العموميتان، الواقع والرهانات »، هي من تنظيم التنسيقية الوطنية للأساتذة المتدربين، وقد أنجزت في نفس التوقيت في عدة مدن مغربية، في إطار التعبئة التي تقوم بها التنسيقية، والتواصل مع هيئات المجتمع المدني لكسب الدعم والمساندة لقضية الأساتذة المتدربين. وقد ألقيت محاضرتي بصفتي ضيفا، وأزيدك علما أنني حاضرت بصفتي الشخصية وليس باعتباري فاعلا نقابيا في النقابة الوطنية للتعليم العالي، وقد صرحت بذلك في بداية مداخلتي. لقد اتصل الأساتذة المتدربون بعدة جهات وعدة نشطاء لكن يبدو أنهم تحفظوا على المشاركة، لأن النقابات في الغالب لا تتفاعل مع التنسيقيات ولا تريد المغامرة مع مناضلين لا حدود لرغبتهم النضالية، رغم أنها تبدي التعاطف وتستنكر التعنيف… إنني بحكم عملي وقربي من الأساتذة المتدربين، أرى الصورة أوضح مما صورتها في مقالك، إن أساتذة الغد قد أبانوا عن وعي وبصيرة منقطعة النظير، لقد اختاروا من أول يوم في نضالاتهم أن يكونوا مستقلين عن جميع الهيئات النقابية والسياسية والحقوقية، وأن يكونوا واضحين في معركتهم ضد المرسومين المشؤومين، فهم في موقع القوة والمبادرة التي جعلت كافة الهيئات المذكورة تلتف حولهم وتتعاطف معهم، وبعضها تريد الاستفادة من نضالاتهم.
لقد ظلمت الأساتذة المتدربين حين وصفتهم بالمسخرين ومسلوبي الإرادة الذين تركب عليهم النقابات، وهو نفس الخطاب التحايلي الذي تروجه الحكومة بدل أن تواجه الحقائق وتنزل إلى محاورتهم في صلب القضية. إن الواقع على عكس ذلك تماما، فلم يكن المتدربون بحاجة إلى رأيي ولا إلى رأي النقابات لخوض نضالاتهم، وقد فوجئنا بمدى سرعتهم في التنسيق بين المراكز على الصعيد الوطني وانضباطهم التام لقرارات التنسيقية التي توافقوا عليها، حيث توقف التكوين بعد ثلاثة أسابيع من بدايته على حين غفلة منا. وحيث أصبح نضالهم أمرا واقعا، هل يحسن بي وبالأساتذة المكونين أن يعاكسوه ويدخلوا في صراعات جانبية مع المتدربين إرضاء للحكومة؟ أو أن يلتزموا الحياد السلبي الذي لا معنى له، وقد أجمعت كلمتهم قبل أن يلتحق المتدربون بالمراكز على رفض المرسومين (البيان المشترك لـ 16 مكاتبا محليا للنقابة الوطنية للتعليم العالي بالمراكز الجهوية 29 يوليوز 2015)؟ أو أن يتضامنوا مع طلبتهم لأن قضيتهم واحدة (الدفاع عن المدرسة العمومية) مع احتفاظ كل طرف باستقلاليته في تسيير معركته؟ لقد كان اختيارنا واضحا منذ البداية (وهو أمر مجمع عليه بين أكثر الأساتذة المكونين في المراكز)، ورأينا أن مرسوم فصل التوظيف عن التكوين ينطوي على خطورة كبيرة وحذرنا الوزارة من ذلك مباشرة بعد صدوره، واعتبرنا نضال المتدربين حقا مشروعا، دون أن نسعى إلى توجيهه أو التأثير فيه لأننا لا نستطيع ذلك أصلا. من هذا المنطلق فإن مشاركتي في الندوة لم تكن للتعبئة والتوجيه النقابي كما زعم صاحب المقال، ولو حضر معنا أو كلف نفسه البحث عن مجرياتها، لعلم أنني وجهت توصية للأساتذة المتدربين بأن يحافظوا على استقلاليتهم وأن لا يرهنوا معركتهم للتنظيمات التي قد تتاجر بجهودهم.
أما ما أثاره الأستاذ الطيب من كوني أتقاضى راتبي في آخر الشهر ولا يهمني أمر الأساتذة المتدربين… فذلك إسفاف في القول لا أدري ما مدخله في القضية. فهل تسببت أنا في توقيف التكوين، أم تسبب فيه واضعو المراسيم المجحفة بسرية ودون استشارة ولا تحسب للعواقب؟ وكيف استنتج أنني أتهرب من العمل وأفضل استمرار توقف التكوين؟ ليس ذلك من شيمنا ولا نرتضيه، بل أفضل أوقاتنا حين نكون في حصة الدرس مع طلابنا، وأزيدك أن أيسر مهام أستاذ التعليم العالي أن ينجز ساعات التدريس، فإذا توقف التكوين فلا تظن أن مهامنا قد انتهت، لأن المهمتين المتبقيتين (المنصوص عليهما قانونيا) تتطلبان جهدا ووقتا أكثر من التدريس، فدعك من الحسابات الضيقة. ومع ذلك فإن الأساتذة المكونين على أتم الاستعداد لإنقاذ السنة التكوينية، وتعويض ما فات ولو بالاشتغال ليلا أو في أوقات العطل، فهل لأصحاب القرار الرغبة في حل القضية والتراجع عن خطيئتهم في حق التعليم وأبناء الشعب عموما؟ للأسف الحكومة لا تزال تراوغ وتقفز على الحبال: من ادعاء مسألة الجودة إلى الحديث عن حاجة التعليم الخصوصي للأساتذة، إلى توسيع قاعدة التكوين لأن الخارج يطلب أساتذة من المغرب…!! وهو الأمر نفسه الذي لمسناه من مقالات الأستاذ زايد، فمرة يدافع عن موقف الحكومة ويقارن تكوين الأساتذة بتكوين الممرضين، ويستكثر عليهم المنحة، ومرة يتضامن معهم ويدعي أنه لا يختلف معهم، ومرة يزعم أنهم مسخرون لتخريب البلاد… لم نعد نفهم ما يقول.
من جهة أخرى فقد زعم صاحب المقال أن الندوة لم تكن فكرية، بل مجرد تعبئة نقابية وتحريض سياسي لاستثمار نضال الأساتذة المتدربين… ولا أعلم كيف عرف ذلك ولم يكن حاضرا، فهل الفاعل النقابي لا يمكنه أن يحاضر في ندوة فكرية أم يحرم عليه ذلك؟ هل أصبح العمل النقابي نجاسة ينبغي التطهر منها؟ نعم قد تسيء بعض الممارسات للعمل النقابي، ولكن لا ينبغي التعميم والوقوع في عداوة مصطنعة مع الفعل النقابي والنضالي الذي لا ينكر فضله إلا جاحد. ثم إنني لا أعرف حدا فاصلا بين الفكر والنضال، لأن أساسهما معا، هو الكلمة التي لا ينبغي لها إلا أن تكون صدقا وعدلا، فهلا بينت لنا يا أستاذ زايد أين يبدأ الفكر وأين تنتهي النقابة؟ لقد كانت مداخلتي -على وجازتها- حصيلة الاطلاع الواسع على إشكالية تجاذبات التربية والمقاولة، ومساعي تسليع التعليم وجعله سوقا مفتوحا في وجه الرأسمالية، ولي كتابات سابقة في هذا الشأن، وأنا على اطلاع واسع بقضية تحرير الكتاب المدرسي، نظريا وعمليا، وأعرف خبايا دفاتر التحملات والضغوط التي تمارسها دور النشر والتحايلات في هذا الشأن…، وقمت بقراءة لمضامين الاتفاقية الإطار الموقعة في 8 ماي 2007…، وتكلمت عن بعض التجارب الدولية في الاستفادة من التعليم العمومي والخصوصي والتعاقدي… فأجملت كل تلك الخبرة النظرية والعملية في ثلاثة محاور قدمتها مختصرة خلال الندوة التي نظمها الأساتذة المتدربون، فهل تسمي ذلك فكرا أم نقابة أم ماذا؟ أنا شخصيا لا أستطيع التمييز بين كوني مفكرا وكوني نقابيا، فالفكر يحتاج نضالا، والنقابة تحتاج فكرا. اللهم إلا إذا كانت الكتابة عندك مجرد تجميع عبارات وترديد مقولات تمليها التوجهات الرسمية، فلا حاجة حينذاك لفكر ولا لنضال، فقل ما تشاء، واقفز على العبارات كما يحلو لك، فالفكرة غريبة واللغة غربية.
فهل بعد هذا البيان يستنكر علي الأستاذ زايد مشاركتي في الندوة، فإذا لم يشارك أهل الاختصاص والمعرفة بأحوال المدرسة المغربية فلمن نترك المشاركة؟ أم أن قصدك أن نعتزل الأساتذة المتدربين وألا نتفاعل مع أنشطتهم لتنطفئ جذوة نضالهم؟؟ إن كان ذلك قصدك فقد أخطأت في حقي، لأنني لست ممن يخفي نضاله أو يستحيي منه، وموقفي ثابت في هذه القضية بغض النظر عن إطاري الوظيفي. وإن كان قصدك الدفاع عن المتدربين وتخليصهم ممن يغرر بهم، فقد أخطأت في تقدير الأساتذة المتدربين، فليسوا مجرد تلاميذ وليسوا قاصرين، هؤلاء مجازون وكثير منهم قد حصل على الماستر والدكتوراه وتلقى التكوينات المختلفة، وقبل ذلك كثير منهم قد تعلم النضال في ميادينه المختلفة، فليسوا بحاجة إلى رأيي وأنا أؤيدهم، فكيف برأيك وأنت مذبذب بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء.
4 Comments
لقد صادق الطلبة الاساتذة على النظام الداخلي للمركز لدى السلطات العمومية كما تعلمون.كما صادقوا على وثيقة التاهيل و ليس التوظيف.اذن لمادا التلاعب بالالتزامات ؟ارى شخصيا ان هدا التعاطف فيه ظلم لمن لم يتقدم للمبارة لان شروط المبارة هي التاهيل و ليس التوظيف.تخيل معي كيف سيحس هدا الطالب او الطالبة .طبعا بالحيف و الظلم.من ناحية اخرى فاننا نعيش في دولة المؤسسات .نعمل على تكريس الحق و القانون.اذن لا داعي لتشجيع السيبة و التسيب.القانون فوق الجميع.أما ان يقف استاد او اساتذة في مظاهرة غير مرخص لها لدعم احتجاج الطلبة الاساتذة فاظن ان ذلك خطأ مهني.
Clair et réaliste ! Bravo monsieur Sadki
الرجاء عدم تسميتهم أساتذة لأنهم شوهوا مهنة التدريس ومن المغالطة نعتهم بالمتدربين وهم لم يزاولوا أي تدريب لحد الآن. كان عليك يا أستاذ أن تلتزم الحياد وتنأى بنفسك عن هذا الصراع . أما طريقة دفاعك وحماسك تجاههم دليل على تجاوز صلاحياتك المهنية والتربوية وممارسة الأدلجة والتوجيه. وهم لبراءتهم صرحوا في الإداعة الجهوية أن الأساتذة في المركز قالوا لهم إن المرسومين عبث. وشجعوهم على الإضراب.
والله، أستاذ صادقي، كم تمنيت لو أنك تفاديت الرد، لأن المقال إياه منطلقاته ومآلاته إيديولوجية محضة، ولا علاقة له بالواقع كما هو.