أكثر زعماء العالم فقدوا عقلهم
هي قولة صدرت عن مالك البيت الأبيض الأمريكي في هذا الوقت.انه الرئيس الأمريكي باراك أوباما. و إني أتكهن أن الذين ينعتهم الرئيس أوباما بفقدان العقل و الاتزان موجودون في العالم الثالث أو العالم المتخلف.لأنهم هم المتهورون في الشطط في استعمال السلطة، وهو الذين يعتقدون أنهم خلقوا ليحكموا بيد من حديد و بقية الآخرين هم بقايا عبيد وجدوا ليخدمونه خدمة العبد لسيده.
قد يتفق بعض الناس مع الرئيس الأمريكي في حكمه هذا و قد يختلف معه البعض الآخر.و لا شك انه انطلق في حكمه هذا انطلاقا من معطيات جهاز المخابرات الأمريكيc.i.a. الأقوى في العالم إلى جانب الموساد الإسرائيلي الجهاز التجسسي الصهيوني،و باقي الأجهزة الاستخباراتية المختصة في التجسس على رؤساء الدول و الحكومات.
في هذا الصباح من يوم السبت 2 يناير من السنة الجديدة 2016 استيقظ العالم على وقع إعدام من النوع السياسي على الشيخ نمر النمر من طرف السلطات السعودية ،لمواقفه السياسية المطالبة بالمساواة في الحقوق بالنسبة للشعب في الجزيرة العربية الذي يتكون من شيعة و سنة.و بإشراك لفئات لشعب الأخرى التي لا تنتمي للعائلة المالكة.و للعلم فان كل المناصب تسند لعائلة الملك و عشيرته(وهو نوع من الحكم الاولغارشي).و الحاكم السعودي كبقية الحكام في المنطقة يمسك بالحكم بيد من حديد و بدكتاتورية مغرقة في التحكم و التسلط و التخلف، والحكم يتصدى إلى كل محاولة للاحتجاج و يلصقونها بالحكومة الإيرانية و بالمؤامرات الخارجية عوض أن يسعى إلى إصلاح أمور نفسه.
و عليه قد يصنف هذا الحاكم السعودي في دائرة الحكام الذين فقدوا عقلهم بسبب إثارة النعرات الدينية في البلد،لأن أي حكم قوي في المعيار السياسي و القانوني، لا بد أن يكون له شعبية كبيرة لأنه منبثق من الشعب. و الشعب وحده من يدافع عن حكومته.والحكم القوي هو من تكون له قوة في إقناع الناس وقوة في السعي إلى المصلحة العامة و الرفاهية الاجتماعية، وقوة في الاستماع إليهم والجلوس مع المعارضين له. فالقاعدة المنطقية تقول أن أي حكم كيفما كان نوعه لابد أن يكون له مناصرون و مدافعون و له أيضا معارضون و مشككون. فلسنا نحن البشر في محكمة السماء و لسنا من الملائكة الطاهرين المطيعين لأوامر الخالق سبحانه و المعصومين من الأخطاء . ذلك هو قانون الحياة البشرية. إن الحكومات الديموقراطية الحقيقية تفتح الأبواب و النوافذ للمعارضين و تنصت لهم وتعمل بآرائهم و اقتراحاتهم ما دامت تصب في المصلحة العامة. كما أن النظام السياسي يتطور بسرعة عندما يوجد أمام معارضة قوية و لها أسلحة فكرية مقنعة و برامج قابلة للتحقق لمصلحة الجميع. و لأجل بقائه في السلطة عليه أن يكون في كامل اليقظة و القوة و كامل الحراسة و المراقبة و المحاسبة على كل من يديرون الشأن العام حتى لا يقعوا في الأغلاط التي تؤدي إلى فقدان الشعبية .
كل نظام سياسي يسعى إلى إعدام معارضيه لسياسته هو نظام ضعيف و فاشل.و كل نظام سياسي يعترف بحق وجود معارضيه(ليس المعارضة المسلحة التي ترهب الناس و الشعب و تأخذ الحكم بالقوة) هو نظام قوي و شجاع يؤمن بالحق في الاختلاف…
إن شكل النظام الديمقراطي الغربي غير متيسر في البلدان الديكتاتورية المشرقية التي تعتمد على القهر و الظلم و الاستبداد و الانفراد بالرأي و الاستحواذ على خيرات البلاد و العباد و فتح السجون للمعارضين، أو إعدامهم لأنهم فقط يطالبون بإصلاحات و بعدالة اجتماعية و بتوزيع منصف لخيرات البلاد. و قد أشار إلى هذا الأمر، المصلح عبد الرحمان الكواكبي في كتابه (طبائع الاستبداد) عرى فيه كل عورات الحكام المستبدين، و التي لازالت صفاتها ملامحها مشاهدة و معاشة في أنظمة الحكم في العالم الثالث…
النظام الديمقراطي الغربي يبذل مجهودات كبيرة و مستمرة في الاستماع إلى نبضات الشارع و يحاول إصلاح نفسه و مراجعة قراراته التي لا تصب في المصلحة العامة بالخدمات المقدمة للشعب. ما دام الشعب هو مصدر السلطة و الشرعية.و يعتبر النظام مذموما في نظر الشعب إذا سعت الحكومات إلى مقاضاة أو سجن أو محاكمة أو إعدام المعارضين المختلفين معه في الرأي السياسي.كما يعتبر مذمة كبرى و خيانة عظمى أن يسرق المسؤول الكبير من مال الأمة التي أمنته على أمورها…
نذكر أن الحاكم السعودي تلقى دعوات متكررة من الأمم المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية و زعماء الدول الغربية من اجل التريث في إصدار حكم الإعدام في حق شيخ طالب بالإصلاحات لتعم كل فئات الشعب و ليس على زبانية الحاكم ، ونذكر أن المملكة السعودية كل المناصب المهمة لآل سعود باستثناء وزارة الخارجية الحالية التي استندت لفرد خارج العائلة المالكة. ولا زالت أحكام محاكم المملكة على السارقين الصغار بقطع الأيدي متغافلة عن السارقين الكبار .بل طالب المجتمع الدولي الحكام في السعودية بإلغاء حكم الإعدام في حق كل المعارضين السياسيين و انفتاح حكام المملكة على فئات الشعب كله عوض الانغلاق على فئة معينة.
و لكن أي حكم ديكتاتوري لا يحتمل من يقول له: لا أو هذا الطريق خطأ. بل يبحث دائما عن جماعة من المتملقين و المصفقين و ماسحي الأحذية والمطبلين و المزمرين و المصفقين و الذين يهتفون بحياة القائد الهمام…و التاريخ يسجل أن كثيرا من الحكام من هذه الفصيلة لقوا نهايتهم المأساوية على يد الشعب(لويس 16 الملك الفرنسي،قيصر روسيا و الرئيس الروماني السابق نيكولا تشاوسيسكو وغيرهم كثير…) .
عندما ندرج هذا الموضوع ليس للدفاع عن زعيم شيعي يدافع عن مصالح الشيعة في السعودية بل ندرجها كقضية إنسانية يجب أن لا يكون مصير أي أحد من الناس المختلفين معهم فكريا في يد حاكم مستبد يحكم عليه بالاعدام… حتى الله سبحانه وتعالى الخالق و مدبر الكون كله عندما عصى الشيطان أمره،أمهله إلى يوم يبعثون و لم ينفذ فيه الأمر الإلهي في حينه أو سجنه، بل تركه حرا طليقا يمارس مهامه في الغواية و الدفع إلى الفاحشة و الفساد في الأرض و المنكر و الدعوة إلى الظلم و تحريض الناس على الإثم و العدوان…و إننا لنشهد أن الله جل جلاله هو القادر على كل شيء في أي شيء و في أي وقت و أي مكان وهو المتحكم في مصير الكون كله …
فهل تعلو قدرة و قوة الإنسان في التحكم في مصائر الناس على قدرة الله سبحانه القهار الجبار الفعال لما يريد المتحكم في مصائر الكون كله؟…
انتاج : صايم نورالدين
Aucun commentaire