Home»الثقافة التنظيمية وإدارة التغيير بالمؤسسات التعليمية

الثقافة التنظيمية وإدارة التغيير بالمؤسسات التعليمية

3
Shares
PinterestGoogle+

الثقافة التنظيمية وإدارة التغيير بالمؤسسات التعليمية

بقلم هشام البوجدراوي

يعتبر بدء العمل في مؤسسة تعليمية جديدة تحديا حقيقيا يواجه كل مدير، سواء أكان حديث العهد بالتدبير أو كان قد راكم تجربة بمؤسسات أخرى. فبالإضافة إلى الأعمال الروتينية التي يتوجب عليه إنجازها،  تظهر مهمات أخرى أكثر أهمية؛ ترتبط  بتغيير الثقافة التنظيمية للمؤسسة قصد التخلي عن إجراءات العمل القديمة في تأدية الخدمات، وإعادة هيكلة العمليات الإدارية  لتحقيق التحسينات المناسبة المرتبطة بالسير العام داخل المؤسسة، وجعلها تستجيب للمعايير والنصوص التشريعية التي تنظم المهام والمهنة، وتتجه بالمؤسسة التعليمية نحو تحقيق أهدافها.

فماهي إذن الثقافة التنظيمية؟ وما أهميتها؟ وماهي مبررات تغييرها أو تطويرها؟ وما هي الآليات التي تساعد على ذلك؟ وكيف يمكن إدارة التغيير بكيفية فعالة؟

لقد عرف Davis  الثقافة التنظيمية بأنها  » مجموع القيم والمعتقدات والتوقعات المشتركة، والتي تعد كدليل للأفراد في المؤسسة ينتج من خلالها معايير تؤثر بشكل كبير على سلوكيات الأفراد والمجموعات داخل هذه المؤسسة »[1]  

و نعني بالقيم التنظيمية تلك الاتفاقات المشتركة التي تحدد ما هو مرغوب أو غير مرغوب فيه أو جيد أو غير جيد…[2]. فيما تعبر المعتقدات عن مجموع الأفكار المشتركة حول طبيعة العمل والحياة الاجتماعية  في بيئة العمل وكيفية انجاز العمل والمهام التنظيمية.[3] بينما تتمثل التوقعات المشتركة في توقعات الرؤساء من المرؤوسين، والزملاء من الزملاء الآخرين في التنظيم، والمرؤوسين من الرؤساء والمتمثلة في الاحترام والتقدير المتبادل، هذا بالإضافة إلى توفير بيئة تنظيمية تساعد وتدعم احتياجات الموظف النفسية والاقتصادية.[4]

 

وللثقافة التنظيمية أهمية كبرى تتجلى في أنها تؤثر في نشاط العاملين بالمؤسسة وفي الجهد الذي يبذلونه في العمل (كالتأخر أو المواظبة، ودرجة الاهتمام بالعمل، وسلوك العاملين اتجاه الأعمال الإضافية، والمشاركة في أنشطة المؤسسة…)، كما تؤثر في طريقة التعامل مع الرؤساء والزملاء والعلاقات الإنسانية في العمل (التنافر أو التجاذب بين الزملاء، الإحساس بالعداء اتجاه الإدارة التربوية، انعدام الاحترام المتبادل بين الأساتذة والإداريين…).

و رغم التأثير الكبير الذي تحدثه الثقافة التنظيمية في سلوك الأفراد إلا أن الكثير من المديرين لا يولونها أهمية في منظماتهم مما يترتب عنه مقاومة كل تغيير أو تطوير يطال المؤسسة ويخالف عقيدة التنظيم.

لذلك فدور قيادات المؤسسات التعليمية لا يقتصر على المشاركة في وضع استراتيجيات العمل والإشراف على تحقيقها والاهتمام بتطوير كفاءات العاملين بل يتعداه إلى تغيير وتطوير الثقافة التنظيمية للمجموعة لتنسجم مع أهداف الإصلاح المنشود محليا .

ومن بين مبررات التغيير في الثقافة التنظيمية نذكر على سبيل المثال ظهور أساليب جديدة وفعالة في تأدية المهام (التواصل الإلكتروني، استعمال برامج الحاسوب والبرانم المعلوماتية، العمل في الفريق، المبادرة والابتكارية في الأداء…)،  ووجود أزمة حقيقية داخل المؤسسة بين القيادة والعناصر المكونة للتنظيم وزيادة الشكاوى والتذمر بين العاملين والضعف في تأدية المهام وتداخل الاختصاصات وعدم الاستجابة لضوابط وقوانين العمل داخل المؤسسة وعدم إحساس أفراد المنظمة بالانتماء إليها وكذلك ضعف المردودية، والزيادة في مستويات المراقبة وتتبع العمل نتيجة انعدام الثقة المتبادلة.

وللتغيير آليات متعددة تستعملها القيادات في بلوغ أهدافها نوجزها في عمليات التدريب والتواصل والتعرف على النماذج الرائدة وأخيرا التحفيز. فالتدريب يسعى إلى الزيادة في كفاءة العاملين وانخراطهم الطوعي في تأدية واجبهم والتقليص من الفجوة بين قابلية الأ فراد للعمل ومتطلبات العمل وهذا يتطلب تدريب الأفراد في اتجاه الرفع من الكفاءة المهنية المرتبطة بتأدية الوظيفة، وتعزيز الانتماء للمؤسسة، وتقوية الروابط بين الأفراد من جهة و بين القيادات والأفراد من جهة ثانية.

 و الاتصال بدوره يعتبر « كأحد الآليات الفعالة لإحداث وتطبيق برامج التغيير من خلال تهيئة المناخ والجو العام داخل المنظمة لتقبل هذا التغيير وتسهيل تنقل المعلومات وسرعة اكتشاف المشاكل والعوائق التي تعترضه »[5]

أما التعرف على نماذج المؤسسات المتميزة والمبدعة فيمكن استغلاله في خلق الدافعية لدى الأفراد لتطبيق بعض التعديلات والتغييرات بداخل المنظمة [6] بالإضافة إلى أن نموذج القائد الناجح يستهوي أعضاء التنظيم ويجعلهم يسعون إلى تقليده وتبني عاداته وتقاليده. لذلك فعلى رؤساء المؤسسات التعليمية الالتزام باحترام القانون والامتثال للقيم التنظيمية التي يودون تمريرها داخل منظماتهم كي يقتنع بها الأفراد ويستجيبوا لمتطلبات التغيير المنشود.  

كما أن للتحفيز الداخلي والخارجي دور أساسي في تقبل العادات والتقاليد التنظيمية الجديدة والمحافظة عليها. فأما الأول فينبع من رغبة داخلية للتغيير ناتجة عن عدم الرضى عن السلوك التنظيمي القديم  وأما الثاني فينتج عن الطموح إلى الحصول على امتيازات مادية أو معنوية أو الخوف من العقاب المترتب  عن الإخلال بالواجب.  

ولإنجاح التغيير في الثقافة التنظيمية داخل المؤسسات التعليمية ينبغي على القادة اختيار الوقت المناسب لتنفيذه والتخطيط  لعملياته وتنمية الحاجة إليه  لدى المرؤوسين وتعزيز قنوات التواصل العمودية والأفقية ، وكذلك المشاركة في بناء رؤية ورسالة المؤسسة والوعي بها لتعزيز الانتماء للتنظيم وإثارة دافعية العاملين لإعادة النظر في عملهم من منظور جديد تحقيقا للمصلحة العامة.

كما أن التعرف على حاجات الأفراد، والعمل على تلبيتها، والمشاركة في اتخاذ القرار،  وتفويض السلطات لقيادات الفرق، وإدارة التغيير بطريقة تشاركية، وحل المشاكل التي يعاني منها العاملون، والتشجيع على قيم التنمية والتطوير الذاتي، والحث على الالتزام بالوضع الجديد بعد التغيير والتشجيع على الاستمرار فيه، له دور كبير في إنجاح التغيير والزيادة في شعور الجميع بالحاجة إلى تطوير أدائهم وتغيير ثقافتهم في اتجاه تحقيق أهداف المؤسسة التعليمية .   


[1] باميه، سلوى. (1986م). الإبداع وإدارة الأزمات في الدول العربية: بحث مقدم للمؤتمر الدولي العشرون للعلوم الإدارية. عمان: المنظمة العربية للعلوم الإدارية.

[2] المدهون، موسى توفيق، الجزراوي، إبراهيم محمد علي، تحليل السلوك التنظيمي: سيكولوجيا وإدارياً للعاملين والجمهور، ط ١، عمان: المركز العربي للخدمات الطلابية، 1995 ص 399-400

[3] المرجع السابق 400

[4]  المرجع السابق 401

[5] Véronique baptiste, op.cit.,p.166

[6] Jean Brilman, op.cit., p. 66.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *