Home»Régional»عن الصحافة مرة أخرى ..

عن الصحافة مرة أخرى ..

0
Shares
PinterestGoogle+

لطالما تحدثنا وبإسهاب في هذا الركن عن شيء إسمه الصحافة بإعتبارها نواةً لأحداث محيطنا ومرآة تعكس من خلالها حركاتتنا وسكناتنا بطريقة قد نتفق بطلاقتها وقوتها وقد لا نتفق في ظل غياب أو تغييب لأركان مهنية تعتبر دعامة ولبنة مهنة المتاعب . لا يهمنا بالضرورة القالب الذي صيغت فيه الصحافة بقدر ما تهمنا القيمة المضافة لهذا القالب، فباختلاف مشارب الصحافة أكانت مكتوبة أم سمعية بصرية، إلا أن هناك حلقة وصل تجمع فيما بينها آصرة الخبر وجودته .

الجودة المطلوبة والمنتظرة تكون غالبا من الأولويات المعدودة على رؤوس أصابع النجاح وكسب ثقة الباحث عن هذه الجودة، لذلك دأبت جل المنابر الإعلامية وخاصة الصحافة المكتوبة، على جلب القراء إليها . الطعم المفقود في صنارة الجرائد هو المادة القوية والهادفة، هذا إن نحن افترضنا جدلا بأن هناك فعلا قراء باحثين عن هذه المادة الهادفة . الذين يتتبعون الأحداث عبر الجرائد كمصدر للخبر والحدث هم أصلا قلة ومحسوبة على رؤوس نخبة جادة تبحث عن الخبر الآني الجاد وأخرى باحثة عن جرائد غير مصنفة جديا فقط لقتل الوقت أو لقضاء وطر نزواتهم عبر ملحقات تعتبر وجبة دسمة توفرها بعض الجرائد التي شوهت الخط التحريري الجدي للجرائد المغربية وأنزلت صورة الصحافة والصحافيين إلى أسفل السافلين .

حاليا هناك صحوة عل المقاس في ما يخص ثقافة الجرائد وربما هي صحوة جاءت نتيجة للفضول المشروع وحق متابعة الحدث من طرف الرأي العام، أو نتيجة لسد الفراغ الحاصل من مصادر ومنابر إعلامية أخرى يتم تعويضه عبر الجرائد . الفرق بين الأمس واليوم في ثقافة الجرائد يكمن في الوعي والجدية المشتركة بين الصحافي و بين القارئ . فالأول أصبح أكثر نضجا واستوعب حقيقة القارئ المعاصر الجاد وغير من جلد أسلوبه المهني وسخر احترافيته لخدمة هذا القارئ الجاد والمعطش للجودة وللجدية . الثاني ضاق درعا من صحافة الأكاذيب وصحافة الرصيف الهامشية التي يتناطح كتاب افتتاحياتها فيما بينهم بشكل يومي، ملَّ كل هذا وعزم الاستقرار جديا في ضيافة الجرائد المتكلمة بلسان الحق والجدية والجودة .

بعض الجرائد التي لم تستوعب حتى الآن حقيقة هذا القارئ الجاد والجديد، لازالت تؤمن إيمانها الأعمى بأن هذا القارئ لا ينجذب إلا لتلك الصفحات التي يسيل كتابها – وحاشا أن يكونوا صحفيين – المداد على ظواهر اجتماعية من كثرتها وتكرارها يشك المرء حقا في مصداقيتها . كتاب يقدمون صفحات بأكملها من الأحداث المزيفة ليسيل عليها البعض لعابهم وتدغدغ سطورها أجهزتهم التناسلية ! هذا الانحطاط بقدر ما يهدد مستقبل جدية الجرائد وجودتها، بقدر ما يمس كرامة القراء الآخرين ويهين بالتالي مبادئ جديتهم … الجرائد التي عرف سجلها المحترم مسيرة النجاح المستقر بفضل صدقها واحترافيتها وثقة قرائها، إنما كان لها ذلك عن طريق خطها التحريري الغير المقنع والجاد أولا، ثم بفضل قرائها المهتمين الباحثين عن الخبر والحدث بلسان الجودة والجدية ثانيا.

بعيدا عن شروط الجودة، نفهم بالمقابل الجهود أو بالأحرى المقاومة التي يخوضها الصحافيون ورجال الإعلام في سبيل إعلاء حق و واجب النبأ والخبر الحر الصريح الذي يمليه عليهم واجبهم المهني . طرف النزاع حول إشكالية الحرية الصحافية ببلادنا لا يزال قائما و ربما سيظل كذلك في ظل مفهوم ينشطر بين حرية يناضل البعض لكي تصير حرية مطلقة، بينما يريدها البعض بمعيار خاص . وبين هذا و ذاك أرى من منظوري الخاص أن الحرية التي ناضل من أجلها البعض في الماضي وأدخلوا بسببها السجن و المعتقلات بتهمة كلمة الحق والصدق، هي اليوم مقارنة مع الأمس القريب حرية معتدلة وغير متشددة ولا حتى عصبية مادامت حرية تستعمل حجة ضد كل خائن للوطنية وضد كل منافق ومفسد وسفاح يريق دماء المظلومين وتصفية كل معارض على سيرة الفساد والظلم والإبادة المجانية … إلى هنا وإلى حدود هذا المفهوم المعتدل للحرية مقارنة مع ما كانت عليه الأوضاع بالأمس، أعتقد بأن الصحافة الوطنية كسبت رهانا وقطعت أشواطا مهمة في مسيرة حرية الصحافة بعد إذ كان الفساد المطلق وعبث المسئولين من بين الأشياء المحظورة على الصحفيين وعلى الصحافة وبعد إذ كان الحق و واجب فضح المفسدين الكبار من الطابوهات .

الصحافة عبر منبر الجرائد أصبت اليوم وإلى حد لا بأس به، قادرة على تعرية الأوضاع المشبوهة والمسكوت عنه وهذا ليس امتيازا تفتخر به الجرائد فيما بينها ولكنه واجب الصحافة والصحفيين و من ثم من حق المتتبع من معرفة ما يصول و ما يجول حوله بكل صراحة و واقعية . حرية الصحافة إذن هي في حقيقتها و صراحتها و واقعيتها المطلقة مع نفسها و مع المتتبع، أما الذين يبحثون عن أشياء أخرى بإسم حرية الصحافة كالنضال من أجل المس بمقدساتنا و إجتياز حدود الخطوط الحمراء و ما فوقها، فهذا غير مقبول بتاتا ونصنفه في خانة الوقاحة و الجرأة الجارحة والإخلال بالإحترام الواجب للشعب ولملكه .

نحن مع الحق أكان مصدره من الصحافة أو من منبع آخر، نحن مع الصراحة وحرية التعبير بلسان المحرومين و المظلومين والمقموعين … نحن مع حرية معتدلة عاقلة لا تهاجم بشكل مباشر قيمنا و لا تمس أعراضنا و لا تهين ديننا الحنيف كما حصل مرارا . إننا نعطي صورة سيئة جدا عن غيرتنا و رقابتنا للمقدسات التي نتحمل بالإجماع مسؤولية صونها والحفاظ على عذريتها، في كل مرة نتسامح ونتساهل مع كل صحافي قام بهتك عرض مقدساتنا وافتض بكارة الوقار الواجب للشريعة الإسلامية السمحة . الحداثيين ( سكر زيادة ) الذين يدَّعون الحداثة والانفتاح عن طريق فسح المجال للتعرض لكل شيء مقدس في هذه المملكة و يستعملون كل ما من شأنه أن يساهم في إطلاق حرية مطلقة للنيل من مقوماتنا بإسم حرية الصحافة وذلك لغرض الفتنة ولغرض في نفس يعقوب كما يقال .

غيرتنا وحرصنا على صون ماء وجه مقدساتنا يقتضي عدم التسامح و التساهل مع كل واحد يسعى وراء التطاول على ديننا الحنيف بإسم حرية الصحافة وكل من سولت له نفسه بتجريد كل ما من شأنه أن يكون في حكم الحصانة الأخلاقية والدينية من لِحاف الحشمة و الوقار . علينا أن نثأر لمقدساتنا التي لطختها أيادي بعض العابثين الناطقين بلسان الحرية المطلقة و السائدة الجرءة . أن ننتقم لأعراضنا ولديننا الذي صار في يوم من الأيام قبلة للضحك والسخرية والتنكيت من قِبل بعض أبالسة الصحافة.

لن نجني شيئا من متابعة هؤلاء قضائيا في ظل غياب تام لمحاكمة صارمة تُجرم فصولها ومساطرها القانونية كل من يهاجم المقدسات و الإخلال بالاحترام الواجب للأفراد … يبقى الحكم العادل والأمثل لزجر و ردع هؤلاء في نظري هو نزع الأقلام من أنامل بعض الصحافيين المتطرفين . فحرمان الصحافي العابث من الكتابة هي الضربة القاضية ومن تحت الحزام لكي يصبح عبرة لمن لا يعتبر، أما أن نقاضيه ثم نخلي سبيله بدفعه لغرامة مالية ثم يعود إلى سابق فعله، فكأنما نقايض شرفنا وكرامة مقدساتنا بمبلغ زهيد لا يثأر لغيرتنا .

قبل الخوض في تفاصيل حرية الصحافة المثالية والمعتدلة، يجرنا الحديث أولا إلى ضرورة تأثيث المشهد الصحافي وتطعيم ثقافة الجرائد في وسط لا يكلف نفسه عناء قراءة الخبر . يجب أيضا مصالحة هذا الوسط مع فعل القراءة الحرة وتجديد الثقة بين الصحافيين و بين القراء من خلال مقاربة إعلامية ناضجة ومسئولة وجادة، كل ألائك في سبيل كسب قارئ متتبع واع وباحث عن خبر جاد بمواصفات الجودة . فمن السابق لأوانه إثارة الزوابع حول الصحافة والصحافيين وحول رهان حرية الصحافة، في حين لا زالت أكشاكنا تعرف الركود و الكساد و طفرة قراء منفيون … لأجل من يغامر هذا الصحافي النبيل كل يوم ويتردد في درجة الإفصاح والحقيقة و الصراحة ؟ لأجل من تجر آذانه ويستنطق في كل مرة أزال فيها الغطاء عن أشياء يستغلها البعض لمصالحه الخاصة مستغلا سكوت الآخر و خوفه ؟ لأجل من يتهم أحيانا بالخيانة والرضوخ على حساب خوف هذا الصحافي من حرية صحافية مفخخة ؟ لأجل من … ؟ لأجل قارئ عادي همه الوحيد مواكبة مجريات أحداث وطنية بكل صراحة وبدون أن يتم استفزازه وإهانته عن طريق خبر أو مقال فارغ كاذب وبدون مساس لعرضه ولمقدساته …

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. oujdacity.net
    21/03/2008 at 00:23

    الى الأخ بلقاسم يازيدي / المرجو ارسال الصورة على العنوان التالي kaddouri@oujdacity.net

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *