بؤس التواصل الحزبي …قراءة في حادث التقدم والاشتراكية والطلبة الممرضين بوجدة VIDEO
حسنا فعلت جريدة وجدة سيتي بنشرها للتسجيل المصور و الكامل لما حدث فيما سمي باللقاء التواصلي الذي ترأسه الأمين العام لحزب التقدم و الاشتراكية نبيل بنعبد الله. و أنا أتابع فصول هذا التسجيل و احتجاجات طلبة معهد تكوين الممريضين و الممرضات بوجدة, تأرجحت ذاكرتي بين ماضي و حاضر هذا الحزب اليساري, و المتتبع لأنشطة أمينه العام بالجهة الشرقية عموما, سيلاحظ أن لعنة الاحتجاجات تطارد السيد بنعبد الله مثلما حدث سابقا في الناضور و الآن بمدينة وجدة. و مع كل حدث يرفع المسؤولون عقيرتهم ليلقوا باللائمة على الغير.
و لكن يا سيدي الأمين العام, يتضح يوما بعد يوم أنكم لا تعرفون عن هذه الجهة سوى أسماء بعض « النخب » و ليست مثقفة, الذين حرصت منذ اقتحام المكتب السياسي للحزب على الدفع بهم لقيادة الحزب في وجدة و فاس و مكناس و غيرها من المدن, شعاركم أيها المناضل » قوة الأحزاب تقاس بعدد المقاعد » التي يحصل عليها و ليس بجماهيره و إشعاعه. و هنا مربض الفرس أيها الأمين العام, فأنت تجهل أن الجهة الشرقية من مدينة الناضور و قرية أركمان و السعيدية و وجدة و المدن العمالية كجرادة و تويسيت و وادي الحيمر كلها شكلت إلى حدود نهاية الثمانينات قلعة صلبة من قلاع الحزب اضطرت معها السلطات المحلية إلى استعمال كل وسائل المنع و القمع, و شكلت نسبة الاعتقالات و المحاكمات في صفوف مناضلي الحزب أعلى نسبة على الإطلاق من بين كل فروع الحزب على الصعيد الوطني. أما شبيبة الحزب فشكلت على الدوام الطليعة في مختلف المناسبات تقود الحملات الانتخابية و تؤطر التجمعات الجماهيرية بباب سيدي عبد الوهاب و تنظم الأسابيع الثقافية و الأنشطة الملتزمة بحضور المئات من الشباب و المواطنين, و هذا كله في ظل سنوات الجمر و الرصاص و المتابعات, فهلا جالستم السيد الأمين العام مسؤولي الحزب بالجهة, و ساءلتهم لماذا انقلبت الأوضاع, فتقزم الحزب, و قادته الذين كانوا بالأمس يحضون بالترحاب, أصبحوا اليوم عرضة للسخرية و التهجم و الانتقاد؟ لقد كنت حقيقة كما يظهر التسجيل في موقف يثير الشفقة, أمين عام واقف يتفرج, و شباب يحتجون و ينددون بالشوهة, و الرائع أن الطالبين اللذين تدخلا يتحدثان بخطاب سياسي راق بالمقارنة مع ما سمعناه في التسجيل من مسؤولي حزبكم المحليين. فعندما يقول الطالب: إننا نؤمن بالتقدم, و بالاشتراكية, و لكن التاريخ سيسجل نقطة سوداء على تاريخ حزبكم, فهذا الكلام أيها الأمين العام تحصيل حاصل لسياسة النخبة والقطيعة مع العمل الجماهيري و في أوساط الشباب و الطلبة و التلاميذ و العمال و غير ذلك من فئات المجتمع.
إن أسلوب المراوغة,و الدفع بأولئك الطلبة الأبرياء -الذين لم و لن تدافع عن حقهم في التعبير- إلى ارتكاب الأخطاء و إظهارهم بمظهر المهاجمين و المعتدين و الفوضويين و غير المؤمنين بالحوار, هو أسلوب دنيء و ساقط, و لعل المتأمل في خطابك, و كلماتك يندهش من حدة تناقض أمين عام لحزب يساري, فمن جهة أنت متفهم لأوضاعهم و كيف؟ و من جهة أخرى تكشر عن أنيابك بالقول أتساءل « شنو هو الغرض؟ » و إنكم تهدفون لنسف النشاط و إسكات صوت الحزب. فيا لغرابة و عجائبية المشهد, بالأمس كانت السلطة تتدخل لإسكات صوت الحزب, فهلا, و اليوم يحضر الشباب المحتج لإسكات صوتكم, فهلا استخلصتم السيد الأمين العام للحزب العبرة و الدروس. أما المسؤول الحزبي الذي صرح بان الحزب ليس وزارة الداخلية, فإنني أكلف نفسي لأصرخ في وجهه: إن هذا العنوان المسمى بلجنة اليقظة, أيها المناضل لم يكن في يوم من الأيام حاضرا في قاموس و لغة هذا الحزب, و لكن هذا هو بؤس التكوين الإيديولوجي و السياسي في زمن اختلط فيه اليساري باللبرالي, و الديني بالاشتراكي, و السنبلة بالكتاب, و البراد بالوردة في جو مسرحي احتفالي, و خطاب سياسي أدنى مما هو عامي.
لقد تألمت كثيرا و شعرت بالتقزز و أنا أتابع عملية إفراغ المحتجين بالقوة و العنف و صراخ الطالبات من طرف ممن سموا بأعضاء لجنة اليقظة, فهل نحن في مدينة الرقة السورية أو الأنبار العراقية؟ و هل تتجاهل الحكومة التي تناضلون من داخلها الطرق التي يتم بها قبول أبناء الأعيان و الشكارة في مختلف المعاهد العليا وكليات الطب, و في الوظائف و غيرها؟ فهنيئا لهؤلاء القادة الحزبيين على التربية السياسية الحداثية المؤمنة بالحوار الحقيقي الجاد, و نبذ أساليب العنف و الدعوة للعدالة و المساواة, و هنيئا لمن كانوا يرددون في نفس اللحظة شعار « يا نبيل يا رفيق, لازلنا على الطريق ». فليبقى كلكم على طريق القطيعة مع الجماهير و مطالب الشباب, فلعل عباءة العدالة و التنمية تقيكم حر و لهيب النار في الآخرة, و ليالي موازين تنسيكم وجع الفقراء و تمرد الشباب في الدنيا, لقد فزتم يا قادة أضحكتمونا حتى الثمل من شدة الجهالة.
الأستاذ عزوز زريبة
2 Comments
أقول لصاحب المقال ان يقرأ الفيديو كما أحب ولكن لايجوز نشر مغالطات حول واقعة مرئية نشرتها وجدة سيتي مشكورة.أنا ى أنتمي لأي حزب وتاسفت كثيرا على طريقة احتجاج أولئك الطلبة لأنهم لم يكونوا يريدون فعلا فتح حوار او ايصال رسالة بقدر ما كانوا يريدون ايقاف النشاط الحزبي ونسفه ولعل من حسنات المسؤولين على الحزب انهم لجأوا الى اقرار النظام بانفسهم وبطريقة تحتنب العنف فعن اية حرية او ديمقراطية تتحدث يا استاذ؟ هل احتلال القاعة ورفض التحاور من الديمقراطية؟ اما الحديث عن واقع الحزب بين الماضي والحاضر فهو امر آخر يعني مناضليه ولا علاقة له بما وقع وضوهد.تحية لوجدة سيتي على نشر الفيديو
ما أثارني هو طريقة رد الحاضرين ( المناضلين والمناضليت) تبين ان لا علاقة لهم بالنضال والاحتجاج والشعارات هم فقط مجموعة نساء يزغردن