التحفيز/ المردودية: أي علاقة؟
التحفيز/ المردودية: أي علاقة؟
(الجزء الأول: المجال الهني)
بقلم: نهاري امبارك(*)
مقدمة:
لما توكل أي مهمة أو مسئولية، في أي مجال كان لأي شخص، فإنه يسعى في مجال اشتغاله أو مهنته إلى أن يحقق نتائج معينة موظفا طاقاته الفكرية والعضلية وكفاءاته المعرفية والتقنية، ويعمل جاهدا على تحقيق نتائج أفضل كلما كان واعيا ومقتنعا بالمهمة الملقاة على عاتقه، وكلما تلقى وعودا أو تشجيعات مادية ومعنوية من طرف القائمين على المؤسسة أو المجال الذي يعمل في إطاره هذا الشخص وينتمي إليه.
فمقابل جزاء ما يطالب كل فرد برفع مردوديته الإنتاجية، فيعده المشرف عليه ومدبر شؤون المؤسسة ويعمل على تحفيزه وذلك في إطار ما يحدده القانون، فما هي المردودية؟ وما هي الأسس التي ترتكز عليها؟ وما هو التحفيز؟ وما هي أنواعه؟ وما هي آثاره؟ وأي علاقة تربط المردودية بالتحفيز؟
سنحاول، قدر المستطاع، ودون الخوض في حيثيات وهوامش جانبية، مناولة الأهم في نظرنا، والإجابة على هذه الأسئلة الفرعية المؤطرة لإشكالية المردودية التي نحصرها، لأغراض منهجية، في المجال المهني المرتبط، أساسا، بقطاع التربية والتكوين في علاقتها بالحوافز المادية والمعنوية المرصودة للتشجيع من أجل الرفع من المردودية وتحسين الإنتاج، تاركين المجال مفتوحا للقراء الكرام لإضافات قد تبدو جوهرية وذات ارتباط بالموضوع…، وذلك من خلال الفقرات التالية:
1. المردودية:
منذ التحاقه بمجال التربية والتكوين، يزاول أي فرد المهام المنوطة به، يعمل ويشتغل حسب تخصصه وتكوينه وكفاءاته، ويبذل كل ما في وسعه حسب طاقاته وقدراته الفكرية والجسمية للحصول على نتيجة مرضية، ويكد ويجتهد لتحقيق نتيجة ترضيه وترضي الشركاء التربويين والقائمين على الشأن التربوي، ويسعى كل من يعمل أو يشتغل أو يدرس بأي مؤسسة تربوية كانت وفي إطار المهام الموكولة إليه، إلى تحسين مردوده، فيشعر بالارتياح كلما كانت النتيجة سارة وكان الإنتاج جيدا، طالما كانت الظروف مواتية، والأدوات فعالة، والنتيجة في مستوى المجهودات المبذولة، دون الإحساس بالإحباط أو مواجهة معيقات ومثبطات. فكل يعمل على تحقيق مردودية في مجال اشتغاله.
وتتجلى المردودية في النتائج التي تحققت فعلا مقارنة بالأهداف المرجوة من كل عملية وتترجم فعالية الموظف في تنفيذ المهام الموكولة إليه.
وبالرغم من أن تقييم المردودية المهنية في المجال التربوي والتكويني تبدو مسألة معقدة وتتسم بصعوبات متعددة، إلا أنه يمكن تحديد معايير ومؤشرات علمية تمكن من أجرأة كل عملية، يتم من خلالها قياس المردودية المهنية لكل فرد يشتغل في مجال التربية والتكوين، كان مدرسا يشتغل بالفصل الدراسي، أو رئيس مؤسسة تعليمية يدير شؤونها التربوية والإدارية، أو مقتصدا وممونا يدبر الشؤون المادية والمالية، أو مستشارا في التوجيه التربوي يقدم خدمات الإعلام والمساعدة على التوجيه للتلاميذ وأولياء أمورهم ويقوم بعمليات إدارية وتقنية، أو مفتشا يشرف على العمليات التربوية والإدارية والتقنية، وغيره…
2. التحفيز:
وبمجرد تحمل أي موظف مسئولياته، يتعرف من خلال التشريعات التنظيمية على الواجبات الملقاة على عاتقه، كما يلمس الحقوق التي يتمتع بها، مادية كانت أو معنوية، ويشعر في قرارة ذاته أن قيامه بواجبه مقترن بأجرة شهرية يحصل عليها مقابل الخدمات التي يسديها في إطار تخصصه لفائدة المجتمع وكل الأطراف ذات الصلة، كما قد يقتنع حسب خصوصيات مهامه باستفادته من علاوات وتعويضات مادية، مقابل مهام إضافية يقوم بها نزولا عند رغبة السلطة التربوية، تتجلى في إنجاز عمليات إضافية وأنشطة مبرمجة أو طارئة تندرج ضمن الحفاظ على السير العادي لمختلف البرامج والمشاريع المخططة والمرسومة في إطار العمليات التربوية والإدارية والتقنية…، كانت حصص عمل إضافي، أو الإشراف على تكوينات، أو تقصي حقائق في قضايا مختلفة، أو المشاركة في إنجاز أي عمل يعتبر تكميليا للعمليات الرسمية المبرمجة.
3. أنواع وطرق التحفيز وآثاره:
وتعتبر الأجرة تحفيزا ماديا رسميا يتناسب، غالبا، وكفاءة الموظف والشواهد أو الدبلومات المحصل عليها، تتحسن تدريجيا مع الأقدمية العامة والترقيات المستفاد منها. كما تعتبر التعويضات والعلاوات تحفيزا ماديا، كذلك، يحصل عليه الموظف مقابل مهام إضافية يقوم بها من خلال إنجاز عمل إضافي مبرمج أو طارئ أو بناء على إدراج حصص عمل إضافية يؤديها الموظف موازاة مع مهامه الرسمية. وقد يستفيد الموظف حسب طبيعة المسئوليات الموكولة إليه من سكن إداري أو وظيفي لتسهيل مهامه، أو وسيلة نقل لتسهيل تنقله….
وتلتجئ الإدارة المشرفة، أحيانا، إلى تخصيص نقط الامتياز أو جوائز رمزية وتقديرات تمنح إلى بعض الموظفين مكافأة لهم على المجهودات المبذولة، في شكل شواهد تقديرية وبورتريهات وتنويهات وتشجيعات… تهدف إلى رفع الروح المعنوية والأداء المهني.
يستفاد إذن أن التحفيز يتخذ عدة صور وأشكال ويتوزع طبيعيا بين المادي والمعنوي.
ويلاحظ أنه كلما استفاد الموظف من تعويضاته المستحقة، كلما شعر بالإنصاف والتشجيع والتقدير الذاتي والتحفيز على البذل والعطاء، وكلما تم حرمانه من تعويضات يستحقها شعر بالإهانة والإحباط، خصوصا لما يلمس الحيف يطاله عن طريق الإقصاء وهضم الحقوق وعدم الاعتراف بمجهوداته وكفاءته، وقد يعتبر حرمانه من تعويضات مستحقة نوعا من العقاب في حقه.
من هنا، يعتبر التحفيز إيجابيا كلما شعر الموظف بالتقدير والإنصاف، كما يعتبر سلبيا كلما أحس بنوع من الظلم والعقاب يتسلط عليه رغم أدائه مهامه الرسمية والإضافية، وذلك إما عن طريق الحرمان بالمرة، أو التمايز وهضم الحقوق، أو تأخير التعويضات خارج فترتها القانونية إذ تصبح ليست ذات قيمة اعتبارية ماديا ومعنويا.
خاتمة:
إن التحفيز يؤثر مباشرة في السلوك والتفاعل مع المحيط المهني، فإذا كان إيجابيا، فإن الموظف يشعر بالارتياح ويزداد عطاؤه وترتفع مردوديته، وإذا كان سلبيا، فالموظف يشعر بالإحباط وتثبط عزيمته ويقل عطاؤه وتنخفض مردوديته، خصوصا إذا كان الحيف جليا وجاثما، وينزل بكل ثقله على الموظف.
(*)مفتش في التوجيه التربوي، مكناس، بتاريخ 11 ماي 2015.
1 Comment
السﻻم عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
ان اكبر محفز على العطاء والبذل هو يقضة الضمير المهني والوازع الديني عندما تخلص عملك لله. فانتظار المقابل والعمل ﻹرضاء المسؤ لين ﻻ يعطي الشحنة الكافية والمستمرة.
كرجل تعليم اشتغلت وﻻ يزال لمدة تفوق 30 سنة بالقسم ، ﻻزلت أشعر ولله الحمد أنني جديد في مهمتي هذه التي أحبها إلى النخاغ همي الوحيد التجديد والتقاسم وتبادل التجارب
لكن وللأسف أصبحت دائرة هذا الهاجس تقل لوجود اكراهات
ومن هذا المنبر أوجه نداء للمسؤولين على قطاع التربية ان يحيوا ثقافة التقاسم وتبادل التجارب واﻹنجازات